للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودفعا إلى أبي موسى كتاب عليّ وقاما في الناس بأمره فلم يجبهما أحد وشاوروا أبا موسى في الخروج إلى علي، فقال: الخروج سبيل الدنيا والقعود سبيل الآخرة فقعدوا كلهم. وغضب محمد ومحمد وأغلظا لأبي موسى، فقال لهما: والله إنّ بيعة عثمان لفي عنقي وعنق عليّ وان كان لا بدّ من القتال فحتى نفرغ من قتلة عثمان حيث كانوا، فرجعا إلى عليّ بالخبر وهو بذي قار، فرجع عليّ باللائمة على الأشتر، وقال: أنت صاحبنا في أبي موسى فاذهب أنت وابن العباس وأصلح ما أفسدت.

فقدما على أبي موسى وكلما استعانا عليه بالناس لم يجب إلى شيء ولم ير إلّا القعود حتى تنجلي الفتنة ويلتئم الناس، فرجع ابن عبّاس والأشتر إلى عليّ فأرسل عليّ ابنه الحسن وعمّار بن ياسر وقال: لعمار: انطلق فأصلح ما أفسدت. فانطلقا حتى دخلا المسجد، وخرج أبو موسى فلقي الحسن بن علي فضمه إليه وقال لعمّار: يا أبا اليقظان أعدوت على أمير المؤمنين فيمن عدا وأحللت نفسك مع الفجّار؟ فقال: لم أفعل. فأقبل الحسن على أبي موسى فقال: لم تثبط الناس عنّا وما أردنا إلا الإصلاح ومثل أمير المؤمنين لا يخاف على شيء. قال: «صدقت بأبي أنت وأمي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الراكب والمسلمون اخوان ودماؤهم وأموالهم حرام» فغضب عمّار وسبّه فسبّه آخر وتثاور الناس، ثم كفّهم أبو موسى. وجاء زيد بن صوحان بكتاب عائشة إليه وكتابها إلى أهل الكوفة فقرأهما على الناس في سبيل الإنكار عليها فسبه شبث بن ربعي [١] ، وتهاوى الناس وأبو موسى يكفّهم ويأمرهم بلزوم البيوت حتى تنجلي الفتنة، ويقول: أطيعوني وخلوا قريشا إذا أبوا إلّا الخروج من الدار الهجرة وفراق أهل العلم. حتى ينجلي الأمر. وناداه زيد بن صوحان بإجابة عليّ والقيام بنصرته وتابعه القعقاع بن عمرو فقام بعده فقال: لا سبيل إلى الفوضى وهذا أمير المؤمنين مليء بما ولي وقد دعاكم فانفروا، وقال عبد خير مثل ذلك وزاد:

يا أبا موسى هل تعلم أنّ طلحة والزبير بايعا؟ قال: نعم. قال: فهل أحدث عليّ ما ينقض البيعة؟ لا أدري قال: لا دريت ونحن نتركك حتى تدري. ثم قال سيحان [٢] بن صوحان مثل ما قال القعقاع، وحرّض على طاعة عليّ وقال: فإنه


[١] شبت: بفتح الشين المعجمة والموحّدة كما في القاموس.
[٢] سيمان بوران جيحان أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>