والجماعة وعظم عليهما الفرقة وقال له: كيف تصنع إذا قالوا ما لا وصاة مني فيه عندك؟ قال: نلقاهم بالذي أمرت به فإذا جاء منهم ما لي عندنا منك رأيي فيه اجتهدنا رأينا وكلمناهم كما نسمع ونرى انه ينبغي، قال: أنت لها.
فخرج القعقاع فقدم البصرة وبدأ بعائشة وقال: أي أمّة ما أشخصك؟ قالت:
أريد الإصلاح بين الناس، قال فابعثي الى طلحة والزبير تسمعي مني ومنهما، فبعثت إليهما فجاءا فقال لهما: اني سألت أم المؤمنين ما أقدمها فقالت الإصلاح وكذلك قالا.
قال فأخبراني ما هو؟ قالا: قتلة عثمان! فإنّ تركهم ترك للقرآن، قال: فقد قتلتم منهم ستمائة من أهل البصرة وغضب لهم ستة آلاف واعتزلوكم وطلبتم حرقوص بن زهير فمنعه ستة آلاف فان قاتلتم هؤلاء كلهم اجتمعت مضر وربيعة على حربكم فأين الإصلاح؟ قالت عائشة: فماذا تقول أنت؟ قال هذا الأمر دواؤه التسكين وإذا سكن اختلجوا فآثروا العافية ترزقوها وكونوا مفاتيح خير ولا تعرضونا للبلاء فنتعرّض له ويصرعنا وإياكم، فقالوا قد أصبت وأحسنت فارجع فان قدم عليّ وهو على مثل رأيك صلح هذا الأمر، فرجع وأخبر عليا فأعجبه وأشرف القوم على الصلح. وقد كانت وفود أهل البصرة أقبلوا إلى علي قبل رجوع القعقاع وتفاوضوا مع أهل الكوفة واتفقوا جميعا على الصلاح، ثم خطب عليّ الناس وأمرهم بالرحيل من الغد وأن لا يرحل معه أحد ممن أعان على عثمان. فاجتمع من أهل مصر ابن السوداء وخالد بن ملجم والأشتر والذين رضوا بمن سار إليه مثل علباء بن الهيثم وعدي بن حاتم وسالم بن ثعلبة القيسي وشريح بن أوفى، وتشاوروا فيما قال عليّ وقالوا: هو أبصر بكتاب الله وأقرب إلى العمل به من أولئك وهو يقول ما يقول، وإنما معه الذين أعانوا على عثمان فكيف إذا اصطلحوا واجتمعوا ورأوا قلّتنا في كثرتهم. فقال الأشتر رأيهم والله فينا واحد وأن يصطلحوا فعلى دمائنا فهلموا نثب على طلحة نلحقه بعثمان ثم يرضى منا بالسكون، فقال ابن السوداء: طلحة وأصحابه نحو من خمسة آلاف وأنتم ألفان وخمسمائة فلا تجدون إلى ذلك سبيلا، وقال علباء بن الهيثم: اعتزلوا الفريقين حتى يأتيكم من تقومون به. فقال ابن السوداء: ودّ والله الناس لو انفردتم فيتخطفونكم، فقال عدي: والله ما رضيت ولا كرهت فاما إذ وقع ما وقع ونزل الناس بهذه المنزلة فان لنا خيلا وسلاحا. فإن أقدمتم أقدمنا وإن أحجمتم أحجمنا، ثم قال سالم بن ثعلبة وسويد بن أوفى: أبرموا أمركم. ثم تكلم ابن السوداء فقال: يا قوم إن عزّكم