للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفّ حتى ندعوك ونحتج عليك وقد منعتم الماء والناس غير منتهين فابعث إلى أصحابك يخلّون عن الماء للورد حتى ننظر بيننا وبينكم وان أردت القتال حتى يشرب الغالب فعلنا» . فأشار عمرو بن العاص بتخلية الماء لهم، وأشار ابن أبي سرح والوليد بن عقبة بمنعهم الماء، وعرضا بشتم فتشاتم معهم صعصعة ورجع، وأوعز إلى أبي الأعور بمنعهم الماء وجاء الأشعث بن قيس إلى الماء فقاتلهم عليه ثم أمر معاوية أبا الأعور يزيد بن أبي أسد القسري جدّ خالد بن عبد الله ثم بعمرو بن العاص بعده، وأمر عليّ الأشعث بشبث بن ربعي ثم بالأشتر وعليهم أصحاب عليّ وملكوا الماء عليهم، وأرادوا منعهم منه فنهاهم عليّ عن ذلك.

وأقام يومين ثم بعث إلى معاوية أبا عمرو بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري وسعيد بن قيس الهمدانيّ وشبث بن ربعي التميمي، يدعونه إلى الطاعة وذلك أوّل ذي الحجة سنة ست وثلاثين، فدخلوا عليه وتكلّم بشير بن عمرو بعد حمدا للَّه والثناء عليه والموعظة الحسنة وناشده الله أن لا يفرّق الجماعة ولا يسفيك الدماء، فقال: هلّا أوصيت بذلك صاحبك. فقال بشير: ليس مثلك أحق بالأمر بالسابقة والقرابة.

قال: فما رأيك؟ قال: تجيبه إلى ما دعا إليه من الحق، قال معاوية: ونترك دم عثمان لا والله لا أفعله أبدا! ثم قال شبث بن ربعي: يا معاوية إنما طلبت دم عثمان تستميل به هؤلاء السفهاء العظام الى طاعتك، ولقد علمنا أنك أبطات على عثمان بالنصر لطلب هذه المنزلة فاتق الله ودع ما أنت عليه ولا تنازع الأمر أهله. فأجابه معاوية وأبدع في سبّه وقال: انصرفوا فليس بيني وبينكم إلّا السيف. فقال له شبث: أقسم باللَّه لنعجلها [١] لك. ورجعوا إلى عليّ بالخبر.

وأقاموا يقتتلون أيام ذي الحجة كلها عسكر من هؤلاء وعسكر من هؤلاء، وكرهوا أن يلقوا جمع أهل العراق بجمع أهل الشام حذرا من الاستئصال والهلاك. ثم جاء المحرم فذهبوا إلى الموادعة حتى ينقضي طمعا في الصلح، وبعث إلى معاوية عدي بن حاتم ويزيد بن قيس الأرحبي وشبث بن ربعي وزياد بن خصفة [٢] ، فتكلم عدي بعد الحمد والثناء ودعا إلى الدخول في طاعة عليّ ليجمع الله به الكلمة فلم يبق غيرك ومن معك واحذر يا معاوية أن يصيبك وأصحابك مثل يوم الجمل. فقال معاوية:


[١] وفي نسخة اخرى: لنجعلنها لك.
[٢] وفي نسخة اخرى: زياد بن حفصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>