للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنك جئت مهدّدا لا مصلحا هيهات يا عدي أنا ابن حرب والله ما يقعقع لي بالشنان وأنّك من قتلة عثمان وأرجو أن يقتلك الله به. فقال له يزيد بن قيس: إنما أتيناك رسلا ولا ندع مع ذلك النصح والسعي في الالفة والجماعة وذكر من فضل عليّ واستحقاقه للأمر بتقواه وزهده. فقال معاوية بعد الحمد والثناء: أمّا الجماعة التي تدعون إليها فهي معنا وأمّا طاعة صاحبكم فلا نراها لأنه قتل خليفتنا وآوى أهل ثأرنا ونحن مع ذلك نجيبكم إلى الطاعة والجماعة إذا دفع إلينا قتلة عثمان. فقال شبث بن ربعي: أيسرّك يا معاوية أن تقتل عمّارا؟ قال: نعم بمولاه. قال شبث: حتى تضيق الأرض والفضاء عليك. فقال معاوية: لو كان ذلك لكانت عليك أضيق.

وافترقوا عن معاوية ثم خلا بزياد بن خصفة وشكى إليه من عليّ وسأله النصر منه بعشيرته وأن يولّيه أحد المصرين، فأبى وقال: إني على بيّنة من ربي فلن أكون ظهيرا للمجرمين. وقام عنه فقال معاوية لعمرو: كأنّ قلوبهم قلب رجل واحد.

ثم بعث معاوية إلى عليّ حبيب بن مسلمة وشرحبيل بن السمط ومعن بن يزيد بن الأخنس فدخلوا عليه، فتكلّم حبيب بعد الحمد للَّه والثناء فقال: إنّ عثمان كان خليفة مهديّا يعمل بكتاب الله وينيب إلى أمره فاستثقلتم حياته واستبطأتم موته فقتلتموه فادفع إلينا قتلته إن كنت لم تقتله ثم اعتزل أمر الناس فيولّوا من أجمعوا عليه. فقال عليّ: ما أنت وهذا الأمر؟ فاسكت فلست بأهل له، فقال والله لتراني بحيث تكره، فقال: وما أنت لا أبقى الله عليك ان أبقيت اذهب فصوّب وصعد، ثم تكلّم بعد الحمد للَّه والثناء وهداية الناس بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وخلافة الشيخين وحسن سيرتهما، وقد وجدنا عليهما أن تولّيا ونحن أقرب منهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكن سمحنا لهما [١] بذلك، وولي عثمان فعاب الناس عليه وقتلوه، ثم بايعوني مخافة الفرقة فأجبتهم، ونكث عليّ رجلان وخالف صاحبكم الّذي ليس له مثل سابقتي، والعجب من انقيادكم له دون بيت نبيّكم ولا ينبغي لكم ذلك، وأنا أدعوكم إلى الكتاب والسنّة ومعالم الدين وإماتة الباطل وإحياء الحق» فقالوا:

نشهد أن عثمان قتل مظلوما، فقال: لا أقول مظلوما ولا ظالما. قالوا: فمن لم يقل ذلك فنحن منه برآء وانصرفوا. فقرأ عليّ إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى ٢٧: ٨٠ الآية ثم، قال لأصحابه: لا يكن هؤلاء في ضلالهم أجدّ منكم في حقّكم.


[١] وفي نسخة اخرى: سامحناهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>