للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تنازع عدي بن حاتم في راية طيِّئ وعامر بن قيس الحزمري [١] وكان رهطه أكثر من رهط عدي، فقال عبد الله بن خليفة البولاني: ما فينا أفضل من عدي ولا من أبيه حاتم ولم يكن في الإسلام أفضل من عدي وهو الوافد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأس طيِّئ في النخيلة والقادسية والمدائن وجلولاء ونهاوند وتستر، وسأل عليّ قومهم فوافقوه على ذلك فقضى بها لعديّ. ولما انسلخ المحرّم نادى عليّ في الناس بالقتال وعبّى الكتائب وقال: لا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تكشفوا عورة ولا تمثّلوا ولا تأخذوا مالا ولا تهيّجوا امرأة وإن شتمتكم فإنّهنّ ضعاف الأنفس والقوى، ثم حرّضهم ودعا لهم وجعل الأشتر على خيل الكوفة وسهل بن حنيف على خيل البصرة وقيس بن سعد على رجالة البصرة وعمّار بن ياسر على رجّالة الكوفة وهاشم بن عتبة معه الراية ومسعر بن فدكي على القرّاء، وعبّى معاوية كتائبه فجعل على الميمنة ذا الكلاع الحميري وعلى الميسرة حبيب بن مسلمة، وعلى المقدّمة أبا الأعور وعلى خيل دمشق عمرو بن العاص وعلى رجّالتها مسلم بن عقبة المرّي. وعلى الناس كلهم الضحّاك بن قيس. وتبايع رجال من أهل الشام على الموت فعقلوا أنفسهم بالعمائم في خمسة صفوف فاقتتلوا عامة يومهم، وفي اليوم الثاني هاشم بن عتبة وأبو الأعور السلميّ، وفي اليوم الثالث عمّار بن ياسر وعمرو بن العاص فاقتتلوا أشدّ قتال وحمل عمّار فأزال عمرا عن موضعه، وفي اليوم الرابع محمد بن الحنفيّة وعبيد الله بن عمر بن الخطاب وتداعيا إلى البراز فرد عليّ ابنه وتراجعوا، وفي اليوم الخامس عبد الله بن عبّاس والوليد بن عقبة فاقتتلا كذلك، ثم عاد في اليوم السادس الأشتر وحبيب فاقتتلا قتالا شديدا وانصرفا.

وخطب عليّ الناس عشيّة يومه [٢] وأمرهم بمناهضة القوم بأجمعهم وأن يطيلوا ليلتهم القيام، ويكثروا التلاوة ويدعو الله بالنصر والصبر، ويرموا [٣] غدا في لقائهم بالجدّ والحزم. فبات الناس يصلحون ليلتهم سلاحهم، وعبّى عليّ الناس ليلته إلى الصباح، وزحف وسأل عن القبائل من أهل الشام وعرف مواقفهم وأمر كل قبيلة أن تكفيه أختها من الشام، ومن ليس منهم أحد بالشام يصرفهم إلى من ليس منهم أحد


[١] وفي نسخة اخرى: الجرموزي.
[٢] وفي نسخة اخرى: عشية يومهم.
[٣] وفي النسخة الباريسية: ويدنو في الكامل: القوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>