للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعراق مثل بجيلة صرفهم الى لخم. وخرج معاوية في أهل الشام فاقتتلوا يوم الأربعاء قتالا شديدا عامة يومهم ثم انصرفوا، وغلس عليّ يوم الخميس بالزحف وعلى ميمنته عبد الله بن بديل بن ورقاء وعلى ميسرته عبد الله بن عبّاس والقرّاء مع عمّار وقيس بن سعد وعبد الله بن يزيد والناس على راياتهم ومراكزهم، وعليّ في القلب بين أهل الكوفة والبصرة ومعه أهل البصرة والكوفة ومعه أهل المدينة من الأنصار وخزاعة وكنانة.

ورفع معاوية قبة عظيمة وألقى عليها الثياب وبايعه أكثر أهل الشام على الموت، وأحاط بقبته خيل دمشق [١] وزحف ابن بديل في الميمنة فقاتلهم إلى الظهر وهو يحرّض أصحابه. ثم كشف خيلهم واضطرهم إلى قبة معاوية، وجاء الذين تبايعوا على الموت إلى معاوية فبعثهم إلى حبيب فحمل بهم على ميمنة أهل العراق فانجفل الناس عن ابن بديل إلا ثلاثمائة أو مائتين من القرّاء وانتهت الهزيمة إلى عليّ، وأمدّه عليّ بسهل بن حنيف في أهل المدينة فاستقبلهم جموع عظيمة لأهل الشام فمنعتهم، ثم انكشفت مضر من الميسرة وثبتت ربيعة وجاء عليّ يمشي نحوهم فاعترضه أحمر مولى أبي سفيان فحال دونه كيسان مولاه فقتله أحمر، فتناول عليّ أحمر من درعه فجذبه وضرب به الأرض وكسر منكبيه وعضديه، ثم دنا من ربيعة فصبّرهم وثبّت أقدامهم وتنادوا بينهم إن أصيب بينكم أمير المؤمنين افتضحتم في العرب، وكان الأشتر مرّ به راكضا نحو الميمنة واستقبل الناس منهزمين فأبلغهم مقالة عليّ: أين فراركم من الموت الّذي لا تعجزوه [٢] إلى الحياة التي لا تبقى لكم، ثم نادى أنا الأشتر فرجع إليه بعضهم فنادى مذحجا وحرّضهم فأجابوه، وقصد القوم واستقبله شباب من همذان ثمانمائة أو نحوها وكان قد هلك منهم في ذلك اليوم أحد عشر رئيسا وأصيب منهم ثمانون ومائة وزحف الأشتر نحو الميمنة، وتراجع الناس واشتدّ القتال حتى كشف أهل الشام وألحقهم بمعاوية عند الاصفرار وانتهى إلى ابن بديل في مائتين أو ثلاثمائة من القرّاء قد لصقوا بالأرض، فانكشفوا عنهم أهل الشام وأبصروا إخوانهم وسألوا عن عليّ فقيل لهم هو في الميسرة يقاتل، فقال ابن بديل استقدموا بنا ونهاه الأشتر فأبى ومضى نحو معاوية وحوله أمثال الجبال تقتل كل من دنا منه حتى وصل


[١] وفي النسخة الباريسية: وأحاط نفسه بخيل دمشق.
[٢] الصحيح ان تقول: لا تعجزونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>