مجلس بعد اليوم، فقال عليّ: أرجو أن يظهر الله مجلسي منك ومن أشباهك.
وكتب الكتاب:«هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان قاضى عليّ على أهل الكوفة ومن معهم ومعاوية على أهل الشام ومن معهم أنّا ننزل عند حكم الله وكتابه وأن لا يجمع بيننا غيره وأنّ كتاب الله بيننا من فاتحته إلى خاتمته نحيي ما أحيا ونميت ما أمات مما وجد الحكمان في كتاب الله. وهما أبو موسى عبد الله ابن قيس وعمرو بن العاص وما لم يجدا في كتب الله فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرّقة وأخذ الحكمان من عليّ ومعاوية ومن الجندين العهود والمواثيق أنهما آمنان على أنفسهما وأهليهما والأمة لهما أنصار على الّذي يتقاضيان عليه، وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه أن يحكما بين هذه الأمة ولا يورداها في حرب ولا فرقة حتى يقضيا، وأجلّاء القضاء إلى رمضان وإن أحبّا أن يؤخّرا ذلك أخّراه وأنّ مكان قضيتهما مكان عدل بين أهل الكوفة وأهل الشام» . وشهد رجال من أهل العراق ورجال من أهل الشام وضعوا خطوطهم في الصحيفة، وأبى الأشتر أن يكتب اسمه فيها وحاوره الأشعث في ذلك فأساء الردّ عليه وتهدّده. وكتب الكتاب لثلاث عشرة خلت من صفر سنة سبع وثلاثين. واتفقوا على أن يوافي عليّ موضع الحكمين بدومة الجندل وبأذرح في شهر رمضان، ثم جاء بعض الناس إلى عليّ يحضّه على قتال القوم فقال:
لا يصلح الرجوع بعد الرضى ولا التبديل بعد الإقرار.
ثم رجع الناس عن صفّين ورجع علي، وخالفت الحروريّة وأنكروا تحكيم الرجال ورجعوا على غير الطريق الّذي جاءوا فيه حتى جازوا النخيلة ورأوا بيوت الكوفة، ومرّ عليّ بقبر خباب بن الأرت توفي بعد خروجه فوقف واسترحم له، ثم دخل الكوفة فسمع رجة البكاء في الدور فقال يبكين على القتلى فترحم لهم، ولم يزل يذكر الله حتى دخل القصر فلم تدخل الخوارج معه وأتوا حرورا فنزلوا بها في اثني عشر ألفا، وقدّموا شبث بن عمر التميمي أمير القتال وعبيد الله بن الكوّاء اليشكري أمير الصلاة، قالوا البيعة للَّه عزّ وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأمر شورى بعد الفتح. فقالوا للناس بايعتم عليّا إنّكم أولياء من والى وأعداء من عادى، وبايع أهل الشام معاوية على ما أحب وكرهوا فلستم جميعا من الحق في شيء، فقال لهم زياد بن النضر: والله ما بايعناه إلا على الكتاب والسنّة لكن لما خالفتموه تعيّنتم للضلال وتعيّنا للحق. ثم بعث عليّ عبد الله بن عبّاس إليهم قوال لا تراجعهم حتى آتيك فلم يصبر عن