للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله لي فلما جاء يزيد بذلك ارتج الموقف باللغط، وقالوا لعليّ: ما نراك إلا أمرته بقتال فابعث إليه فليأتك وإلّا اعتزلناك، فقال عليّ: ويحك يا يزيد قل له أقبل إليّ فان الفتنة قد رفعت، فقال: ألرفع المصاحف؟ فقال: نعم قال: لقد ظننت أن ذلك يوقع فرقة كيف ندع هؤلاء وننصرف والفتح قد وقع، فقال يزيد: تحب أن تظفر وأمير المؤمنين يسلّم إلى عدوّه أو يقتل، ثم أقبل إليهم الأشتر وأطال عتبهم، وقال امهلوني فواقا فقد أحسست بالفتح، فأبوا فعذلهم وأطال في عذلهم، فقالوا دعنا يا أشتر قاتلناهم الله، فقال: بل خدعتم فانخدعتم. ثم كثرت الملاحاة بينهم وتشاتموا فصاح بهم عليّ فكفّوا، فقال له الأشعث بن قيس: إنّ الناس قد رضوا بما دعوا إليه من حكم القرآن فإن شئت أتيت معاوية وسألته ما يريد. قال: افعل.

فأتاه وسأله: لأيّ شيء رفعتم المصاحف؟ قال: لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله به من كتابه تبعثون رجلا ترضونه، ونحن آخر ونأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يعدوانه. ثم نتبع ما اتفقا عليه، فقال الأشعث هذا الحق ورجع إلى عليّ والناس وأخبرهم، فقال الناس رضينا وقبلنا، ورضي أهل الشام عمرا، وقال الأشعث وأولئك القرّاء الذين صاروا خوارج: رضينا بأبي موسى، فقال عليّ لا أرضاه فقال الأشعث ويزيد بن الحصين [١] ومسعر بن فدك: لا نرضي إلّا به. قال فإنه ليس ثقة قد فارقني وخذل الناس عني وهرب مني حتى أمّنته بعد شهر، قالوا لا نريد إلّا رجلا هو منك ومن معاوية سواء، قال فالأشتر، قالوا: وهل سعر الأرض غير الأشتر؟ قال: فاصنعوا ما بدا لكم. فبعثوا إلى أبي موسى وقد اعتزل القتال، فقيل إنّ الناس قد اصطلحوا، فحمد الله، قيل وقد جعلوك حكما فاسترجع، وجاء أبو موسى إلى العسكر وطلب الأحنف بن قيس من عليّ أن يجعله مع أبي موسى، فأبى الناس من ذلك وحضر عمرو بن العاص عند عليّ لتكتب القضية بحضوره، فكتبوا بعد البسملة هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين، فقال: عمرو ليس هو بأميرنا، فقال له الأحنف: لا تمحها فاني أتطير بمحوها فمكث مليّا، ثم قال الأشعث: امحها.

فقال عليّ: الله أكبر وذكر قصة الحديبيّة وفيها أنّك ستدعى إلى مثلها فتجيبها، فقال عمرو: وسبحان الله نشبه بالكفار ونحن مؤمنون. فقال عليّ: يا ابن النابغة ومتى لم تكن للفاسقين وليّا وللمؤمنين عدّوا، فقال عمرو: والله لا يجمع بيني وبينك


[١] وفي النسخة الباريسية: زيد بن الحصن.

<<  <  ج: ص:  >  >>