للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عامله على البصرة يستمدّه ألفي فارس إلى المدينة فبعثهم القبّاع وأمر ابن الزبير جابر ابن الأسود أن يسيّرهم إلى قتال طارق ففعل ولقيهم طارق فهزمهم وقتل مقدمهم، وقتل من أصحابه خلقا وأجهز على جريحهم ولم يستبق أسيرهم، ورجع إلى وادي القرى. ثم عزل ابن الزبير جابرا عن المدينة واستعمل طلحة بن عبد الله بن عوف، وهو طلحة النّداء وذلك سنة سبعين. فلم يزل على المدينة حتى أخرجه طارق ولما قتل عبد الملك مصعبا ودخل الكوفة وبعث منها الحجّاج بن يوسف الثقفي في ثلاثة آلاف من أهل الشام لقتال ابن الزبير، وكتب معه بالأمان لابن الزبير ومن معه إن أطاعوا فسار في جمادى سنة اثنتين وسبعين، فلم يتعرّض للمدينة ونزل الطائف. وكان يبعث الخيل إلى عرفة ويلقاهم هناك خيل ابن الزبير فينهزمون دائما وتعود خيل الحجاج بالظفر. ثم كتب الحجّاج إلى عبد الملك يخبره بضعف ابن الزبير وتفرّق أصحابه ويستأذنه في دخول الحرم لحصار ابن الزبير ويستمدّه، فكتب عبد الملك إلى طارق يأمره باللحاق بالحجّاج فقدم المدينة في ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين، وأخرج عنها طلحة النّداء عامل ابن الزبير، وولّى مكانه رجلا من أهل الشام وسار إلى الحجّاج بمكّة في خمسة آلاف. ولما قدم الحجّاج مكّة أحرم بحجه ونزل بئر ميمون وحج بالناس ولم يطف ولا سعى، وحصر ابن الزبير عن عرفة فنحر بدنة بمكّة ولم يمنع الحاج من الطواف والسعي. ثم نصب الحجّاج المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة وكان ابن عمر قد حجّ تلك السنة فبعث إلى الحجّاج بالكف عن المنجنيق لأجل الطائفين ففعل، ونادى منادي الحجّاج عند الإفاضة انصرفوا فإنّا نعود بالحجارة على ابن الزبير، ورمى بالمنجنيق على الكعبة وألحت الصواعق عليهم في يومين وقتلت من أصحاب الشام رجالا فذعروا. فقال لهم الحجّاج لا شك فهذه صواعق تهامة وإنّ الفتح قد حضر فأبشروا. ثم أصابت الصواعق من أصحاب ابن الزبير فسرى عن أهل الشام فكانت الحجارة تقع بين يدي ابن الزبير وهو يصلي فلا ينصرف ولم يزل القتال بينهم، وغلت الأسعار وأصاب الناس مجاعة شديدة حتى ذبح ابن الزبير فرسه وقسّم لحمها في أصحابه وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم والمدّ من الذرة بعشرين وبيوت ابن الزبير مملوءة قمحا وشعيرا وذرة وتمرا ولا ينفق منها إلا ما يمسك الرمق، يقوّي بها نفوس أصحابه. ثم أجهدهم الحصار وبعث الحجّاج إلى أصحاب ابن الزبير بالأمان فخرج إليه منهم نحو عشرة آلاف، وافترق الناس عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>