للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد والله حرّضنا وجهدنا فما كنا أقوياء فجرة، ولا أتقياء بررة، وقد نصرك الله وظفرت فإن سطوت فبذنوبنا وإن عفوت فبحلمك والحجة لك علينا. فقال الحجاج: هذا والله أحب اليّ ممن يقول ما شهدت ولا فعلت وسيفه يقطر من دمائنا. ثم أمّنه وانصرف. (ولما ظفر الحجّاج) بابن الأشعث وهزمه لحق كثير من المنهزمين بعمر بن الصلت وقد كان غلب على الري في تلك الفتنة. فلما اجتمعوا أرادوا أن يحظوا عند الحجاج ويمحوا عن أنفسهم ذنب الجماجم فأشاروا على عمر بخلع الحجّاج فامتنع فدسوا عليه أباه فأجاب. ولما سار قتيبة إلى الري خرجوا مع عمر لقتاله ثم غدروا به فانهزم، ولحق بطبرستان وأقرّه الأصبهبد وأحسن اليه، وأرادوا الوثوب على الأصبهبد فشاور أباه وقال: قد علمت الأعاجم أني أشرف منه فمنعه أبوه ودخل قتيبة الري وكتب الحجّاج إلى الأصبهبد أن يبعث بهم أو برءوسهم ففعل ذلك: (ولما انصرف) عبد الرحمن بن الأشعث من هراة إلى رتبيل قال له علقمة ابن عمر الازدي: لا أدخل معك دار الحرب لأنّ رتبيل إن دخل إليه الحجاج فيك وفي أصحابك قتلكم أو أسلمكم إليه، ونحن خمسمائة قد تبايعنا على أن نتحصن بمدينة حتى نأمن أو نموت كراما وقدم عليهم مودود البصري، وزحف إليهم عمارة بن تميم اللخمي وحاصرهم حتى استأمنوا فخرجوا إليه وقلاهم وتتابعت كتب الحجّاج إلى رتبيل في عبد الرحمن يرهبه ويرغبه. وكان عبيد بن سميع التميمي من أصحاب ابن الأشعث وكان رسوله إلى رتبيل أوّلا فأنس به رتبيل وزحف عليه وأغرى القاسم بن الأشعث أخاه عبد الرحمن بقتله فخافه وزير لرتبيل أخذ العهد من الحجّاج وإسلام عبد الرحمن إليه على أن يكف عن أرضه سبع سنين فأجابه رتبيل وخرج إلى عمارة سرّا. وكتب عمارة إلى الحجّاج بذلك فأجاب وكتب له بالكفّ عنه عشر سنين، وبعث إليه رتبيل برأس عبد الرحمن وقيل مات بالسل فقطع رأسه وبعث به، وقيل أرسله مقيّدا مع ثلاثين من أهل بيته إلى عمارة فألقى عبد الرحمن نفسه من سطح القصر فمات، فبعث عمارة برأسه وذلك سنة أربع أو خمس وثمانين.

قد كنا قدمنا حصار المهلب مدينة كشّ من وراء النهر فأقام عليها سنتين، وكان استخلف على خراسان ابنه المغيرة فمات سنة اثنتين وثمانين، فجزع عليه وبعث ابنه يزيد إلى مرو ومكنه في سبعين فارسا، ولقيهم في مفازة نسف جمع من الترك يقاربون الخمسمائة فقاتلوهم قتالا شديدا يطلبون ما في أيديهم والمغيرة يمتنع حتى أعطى بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>