على تلّ حتى رأى المسلمين من خلفهم. وأمر الترك أن يأتوهم من هنالك ففعلوا وخالطوهم في معسكرهم وقتلوا صاغان خذاه وأصحابه وأحسوا بالهلاك وإذا بالغبار قد رهج والترك يتنحّون قليلا قليلا. وجاء أسد ووقف على التلّ الّذي كان عليه خاقان وخرج إليه بقية الناس وجاءته امرأة صاغان خذاه معولة فأعول معها، ومضى خاقان يقود أسرى المسلمين في الآفاق ويسوق الإبل الموقورة والجواري وأراد أهل العسكر قتالهم فمنعهم أسد ونادى رجل من عسكر خاقان وهو من أصحاب الحرث بن شريح يعيّر أسدا ويحرّضه ويقول: قد كان لك عن الختّل مندوحة وهي أرض آبائي وأجدادي، قد كانت ما رأيت، ولعلّ الله ينتقم منك. ومضى أسد إلى بلخ فعسكر في مرجها حتى جاء الشتاء، فدخل البلد وشتّى فيها. وكان الحرث بن شريح بناحية طخارستان فانضم إلى خاقان وأغراه بغزو خراسان وزحفوا إلى بلخ. وخرج أسد يوم الأضحى فخطب الناس وعرّفهم بأن الحرث بن شريح استجلب الطاغية ليطفئ نور الله ويبدّل دينهم، وحرّضهم على الاستنصار باللَّه وقال أقرب ما يكون العبد للَّه ساجدا. ثم سجد وسجد الناس وأخلصوا الدعاء وخرج للقائهم وقد استمدّ خاقان من وراء النهر، وأهل طخارستان وحبونة في ثلاثين ألفا وجاء الخبر إلى أسد وأشار بعض الناس بالتحصّن منهم بمدينة بلخ. واستمدّ خالد وهشام. وأبى الأسد إلّا اللقاء، فخرج واستخلف على بلخ الكرماني بن علي، وعهد إليه أنه لا يدع أحدا يخرج من المدينة. واعتزم نصر بن سيّار والقاسم بن نجيب وغيرهم على الخروج فأذن لهم وصلّى بالناس ركعتين وطوّل. ثم دعا وأمر الناس بالدعاء ونزل من وراء القنطرة ينتظر من تخلف، ثم بدا له وارتحل فلقي طليعة خاقان وأسر قائدهم وسار حتى نزل على فرسخين من الجوزجان ثم أصبحوا وقد تراءى الجمعان وأنزل أسد الناس ثم تهيأ للحرب ومعه الجوزجان (أهـ) . وحملت الترك على الميسرة فانهزموا إلى رواق أسد، فشدت عليهم الأسد وبنو تميم والجوزجان من الميمنة فانكشفوا إلى خاقان وقد انهزم والحرث معه واتبعهم الناس ثلاثة فراسخ يقتلونهم واستاقوا مائة وخمسين ألفا من الشاء ودواب كثيرة. وسلك خاقان غير الجادّة والحرث بن شريح [١] ولقيهم أسد عند الطريق. وسلك الجوزجان بعثمان بن عبد الله بن الشخّير طريقا،
[١] بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ٢٠٥: وأخذ خاقان طريقا في الجبل والحرث يحميه وسار منهزما.»