يعرفها حتى نزلوا على خاقان وهو آمن، فتركوا الأبنية والقدور تغلي وبناء العرب والموالي والعسكر مشحون من آنية الفضّة، وركب خاقان والحرث يمانع عنه. وأعجلوا امرأة خاقان عن الركوب فقتلها الخصيّ الموكل بها. وبعث أسد بجوار الترك دهاقين خراسان يفادون بها أسراهم، وأقام خمسة أيام وانصرف إلى بلخ لتاسعة من خروجه. ونزل الجوزجان وخاقان هارب أمامه. وانتهى خاقان إلى جونة الطخاريّ، فنزل عليه، وانصرف أسد إلى بلخ، وأقام خاقان عند جونة حتى أصلح آلته، وسار وسبيه بها فأخذه جدكاوش أبو فشين فأهدى إليه وأتحفه وحمل أصحابه يتخذ بذلك عنده يدا. ثم وصل خاقان بلاده وأخذ في الاستعداد في الحرب ومحاصرة سمرقند وحمل الحرث وابن شريح وأصحابه على خمسة آلاف برذون.
ولاعب خاقان بالنرد كورصول يوما فغمزه كورصول فأنف وتشاجر، فصك كورصول يد خاقان، فحلف خاقان ليكسرنّ يده فتنحّى وجمع. ثم بيّت خاقان فقتله وافترق الترك وحملوه وتركوه بالعراء فحمله بعض عظمائهم ودفنه. وكان أسد بعث بالفتح من بلخ إلى خالد بن عبد الله فأخبره وبعث به إلى هشام فلم يصدّقه، ثم بعده القاسم بن نجيب بقتل خاقان، فحثّت قيس أسدا وخالدا، وقالوا لهشام: استقدم مقاتل بن حيّان. فكتب بذلك إلى خالد، فأرسل إلى أسد أن يبعث به فقدم على هشام والأبرش وزيره جالس عنده، فقصّ عليه الخبر فسرّ بذلك وقال لمقاتل: ما حاجتك؟ قال يزيد بن المهلّب أخذ من حيّان أبي مائة ألف درهم بغير حق، فأمر بردّها عليّ. فاستحلفه وكتب له بردها، وقسّمها مقاتل بين ورثة حيّان. ثم غزا أسد الختّل بعد مقتل خاقان، وقدم مصعب بن عمر الخزاعيّ إليها فسار إلى حصن بدرطرخان فاستأمن له أن يلقي أسدا فأمنه وبعث إلى أسد فسأل أن يقبل منه ألف درهم، وراوده على ذلك فأبى أسد وردّه إلى مصعب ليردّه إلى حصنه، فقال له مسلمة بن أبي عبد الله وهو من الموالي: إن أمير المؤمنين سيندم على حبسه. ثم أقبل أسد بالناس ووعد له المجشّر بن مزاحم بدرطرخان أو قبول ما عرض، فندم أسد وأرسل إلى مصعب يسأل عنه فوجده مقيما عند مسلمة، فجيء به وقطعت يده. ثم أمر رجلا من الأزد كان بدرطرخان قتل أباه فضرب عنقه وغلب على القلعة. وبعث العساكر في بلاد الختّل فامتلأت أيديهم من الغنائم والسبي وامتنع ولد بدرطرخان