له الخلافة فاتفقوا على محمد بن عبد الله بن الحسن المثنّى بن عليّ. وكان يقال:
إنّ المنصور ممن بايعه تلك الليلة. ولما حج أيام أخيه السفّاح سنة ست وثلاثين تغيب عنه محمد وأخوه إبراهيم، ولم يحضرا عنده مع بني هاشم. وسأل عنهما فقال له زياد ابن عبيد الله الحرثى أنا آتيك بهما وكان بمكة فردّه المنصور إلى المدينة. ثم استخلف المنصور وطفق يسأل عن محمد ويختص بني هاشم بالسؤال سرّا، فكلهم يقول:
إنك ظهرت على طلبه لهذا الأمر فخافك على نفسه، ويحسن العذر عنه إلا الحسن ابن زيد بن الحسن بن عليّ. فإنه قال له: والله ما آمن وثوبه عليك، فإنه لا ينام عنك، فكان موسى بن عبد الله بن حسن يقول بعد هذا: اللَّهمّ اطلب الحسن بن زيد بدمائنا. ثم إنّ المنصور حج سنة [١] وألحّ على عبد الله بن حسن في إحضار ابنه محمد فاستشار عبد الله سليمان بن علي في إحضاره فقال له: لو كان عافيا عفى عن عمّه! فاستمرّ عبد الله على الكتمان وبث المنصور العيون بين الأعراب في طلبه بسائر بوادي الحجاز ومياهها ثم كتب كتابا على لسان الشيعة إلى محمد بالطاعة والمسارعة وبعثه مع بعض عيونه إلى عبد الله وبعث معه بالمال والإلطاف كأنه من عندهم. وكان للمنصور كاتب على سرّه يتشيع، فكتب إلى عبد الله بن حسن بالخبر وكان محمد بجهينة، وألحّ عليه صاحب الكتاب أمر محمد ليدفع إليه كتاب الشيعة فقال له: اذهب إلى عليّ بن الحسن المدعو بالأغرّ يوصلك إليه في جبل جهينة فذهب وأوصله إليه. ثم جاءهم حقيقة خبره من كاتب المنصور وبعثوا أبا هبّار إلى محمد وعليّ بن حسن يحذرهما الرجل، فجاء أبو هبّار إلى عليّ بن حسن وأخبره ثم سار إلى محمد فوجد العين عنده جالسا مع أصحابه فخلا به وأخبره، فقال: وما الرأي؟ قال: تقتله. قال: لا أقارف دم مسلم. قال: تقيّده وتحمله معك. قال: لا آمن عليه لكثرة الخوف والإعجال. قال: فودعه عند بعض أهلك من جهينة. قال: هذه إذن. ورجع فلم يجد الرجل ولحق بالمدينة. ثم قدم على المنصور وأخبره الخبر وسمّى اسم أبي هبّار وكنيته، وقال: معه وبر فطلب أبو جعفر وبرا المرّيّ فسأله عن أمر محمد فأنكره وحلف فضربه وحبسه. ثم دعا عقبة بن سالم الأزدي وبعثه منكرا بكتاب والطاف من بعض الشيعة بخراسان إلى
[١] بياض بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ٥٠٠: «وفيها حجّ المنصور ... » اما الطبري فقد ذكر حج المنصور في حوادث سنة أربع وأربعين ومائة. «ج ٩ ص ١٨٠» .