عبد الله بن حسن ليظهر على أمره، فجاءه بالكتاب فانتهره وقال لا أعرف هؤلاء القوم. فلم يزل يتردّد إليه حتى قبله وأنس به وسأله عقبة الجواب فقال: لا أكتب لأحد ولكن أقرئهم مني سلاما وأعلمهم أنّ ابنيّ خارجان لوقت كذا. فرجع عقبة إلى المنصور فأنشأ الحج، فلما لقيه بنو حسن رفع مجالسهم وعبد الله إلى جنبه ثم دعا بالغداء فأصابوا منه. ثم قال لعبد الله بن حسن قد أعطيتني العهود والمواثيق أن لا تبغيني بسوء ولا تكيد لي سلطانا فقال: وأنا على ذلك. فلحظ المنصور عقبة بن سالم فوقف بين عبد الله حتى ملأ عينه منه فبادر المنصور يسأله الإقالة فلم يفعل، وأمر بحبسه وكان محمد يتردّد في النواحي وجاء إلى البصرة فنزل في بني راهب وقيل في بني مرّة بن عبيد، وبلغ الخبر إلى المنصور فجاء إلى البصرة وقد خرج عنها محمد، فلقي المنصور عمر بن عبيد فقال له: يا أبا عثمان هل بالبصرة أحد نخافه على أمرنا؟
فقال: لا، فانصرف واشتدّ الخوف على محمد وإبراهيم وسار إلى عدن ثم إلى السّند ثم إلى الكوفة، ثم إلى المدينة وكان المنصور حج سنة أربعين وحج محمد وإبراهيم وعزما على اغتيال المنصور وأبي محمد من ذلك. ثم طلب المنصور عبد الله بإحضار ولديه وعنّفه وهمّ به، فضمنه زياد عامل المدينة. وانصرف المنصور وقدم محمد المدينة قدمة فتلطف له زياد وأعطاه الأمان له. ثم قال له: الحق بأيّ بلاد شئت وسمع المنصور فبعث أبا الأزهر إلى المدينة في جمادى سنة إحدى وأربعين ليستعمل على المدينة عبد العزيز بن المطّلب ويقبض زيادا وأصحابه. فسار بهم فحبسهم المنصور، وخلف زياد ببيت المال ثمانين ألف دينار ثم استعمل على المدينة محمد بن خالد بن عبد الله القسريّ، وأمره بطلب محمد وإنفاق المال في ذلك فكثرت نفقته واستبطأه المنصور واستشار في عزله، فأشار عليه يزيد بن أسيد السلميّ من أصحابه باستعمال رباح بن عثمان بن حسّان المزنيّ فبعثه أميرا على المدينة في رمضان سنة أربع وأربعين، وأطلق يده في محمد بن خالد القسريّ. فقدم المدينة وتهدّد عبد الله بن حسن في إحضار ابنيه. وقال له عبد الله يومئذ: إنك لتريق المذبوح فيها كما تذبح الشاة، فاستشعر ذلك ووجد فقال له حاجبه أبو البختري: إنّ هذا ما اطلع على الغيب فقال: ويلك! والله ما قال إلا ما سمع، فكان كذلك. ثم حبس رباح محمد بن خالد وضربه وجدّ في طلب محمد فأخبر أنه في شعبان رضوى من أعمال ينبع وهو جبل جهينة، فبعث عامله في طلبه فأفلت منه. ثم إنّ رباح بن مرّة