حبس بني حسن وقيّدهم وهم عبد الله بن حسن بن الحسن وإخوته حسن وإبراهيم وجعفر وابنه موسى بن عبد الله، وبنو أخيه داود وإسماعيل وإسحاق بنو إبراهيم بن الحسن، ولم يحضر معهم أخوه عليّ العائد. ثم حضر من الغد عند رباح وقال:
جئتك لتحبسني مع قومي فحبسه، وكتب إليه المنصور أن يحبس معهم محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان المعروف بالديباجة. وكان أخا عبد الله لأمّه أمّهما فاطمة بنت الحسين. وكان عامل مصر قد عثر على علي بن محمد بن عبد الله ابن حسن بعثه أبوه إلى مصر يدعو له فأخذه وبعث به إلى المنصور فلم يزل في حبسه وسمّى من أصحاب أبيه عبد الرحمن بن أبي المولى وأبا جبير فضربهما المنصور وحبسهما. وقيل عبد الله حبس أولا وحده وطال حبسه. فأشار عليه أصحابه بحبس الباقين فحبسهم. ثم حج المنصور سنة أربع وأربعين، فلما قدم مكة بعث إليهم وهم في السجن محمد بن عمران بن إبراهيم بن طلحة ومالك بن أنس يسألهم أن يرفعوا إليه محمدا وإبراهيم ابني عبد الله، فطلب عبد الله الإذن في لقائه فقال المنصور: لا والله حتى يأتيني به وبابنيه، وكان محسنا مقبولا لا يكلم أحدا إلّا أجابه إلى رأيه. ثم إنّ المنصور قضى حجّه وخرج إلى الرَّبَذَة، وجاء رباح ليودعه فأمر باشخاص بني حسن ومن معهم إلى العراق فأخرجهم في القيود والأغلال وأردفهم في محامل بغير وطء، وجعفر الصادق يعاينهم من وراء ستر ويبكي. وجاء محمد إبراهيم مع أبيهما عبد الله يسايرانه مستترين بزيّ الأعراب ويستأذنه في الخروج فيقول: لا تعجلا حتى يمكنكما وإن منعتما أن تعيشا كريمين تمنعا أن تموتا كريمين، وانتهوا إلى الزيدية. وأحضر العثماني الديقا عند المنصور فضربه مائة وخمسين سوطا بعد ملاحاة جرت بينهما أغضبت المنصور. ويقال: إنّ رباحا أغرى المنصور به وقال له: إنّ أهل الشام شيعته ولا يتخلف عنه منهم أحد. ثم كتب أبو عون عامل خراسان إلى المنصور بأنّ أهل خراسان منتظرون أمر محمد بن عبد الله واحذر منهم. فأمر المنصور بقتل العثماني وبعث برأسه إلى خراسان، وبعث من يحلف أنه رأس محمد بن عبد الله وأنّ أمّه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قدم المنصور بهم الكوفة وحبسهم بقصر ابن هبيرة، يقال: انه قتل محمد بن إبراهيم بن حسن منهم على أسطوانة وهو حيّ فمات. ثم بعده عبد الله بن حسن ثم علي بن حسن، ويقال: إنّ المنصور أمر بهم فقتلوا، ولم ينج منهم إلا سلمان وعبد الله ابنا داود وإسحاق وإسماعيل ابنا إبراهيم بن حسن وجعفر بن حسن والله أعلم.