للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآخرين ترجع العسكر الّذي عقبه المضيق حتى ضجرت الخرّمية من المطاولة، وانصرف بعض الأيام وتأخر جعفر فخرج الخرّمية من البذّ على أصحابه فردّهم جعفر على أعقابهم، وارتفع الصياح ورجع الأفشين وقد نشبت الحرب. وكان مع أبي دلف من أصحاب جعفر قوم من المطوعة فضيقوا على أصحاب بابك وكانوا يصدعون البذّ، وبعث جعفر إلى الأفشين يستمدّه خمسمائة راجل من الناشبة فأتى له وأمره بالتحيّل في الانصراف، وتعلق أولئك المطّوعة بالبذّ وارتفع الصياح وخرج الكمناء من تحت العقبة، وتبين الأفشين أماكنهم واطّلع على خدعتهم. وانصرف جعفر إلى الأفشين وعاتبه فاعتذر إليه يستأمن الكمين وأراه مكانه، فانصرف عن عتابه وعلم أنّ الرأي معه. وشكا المطوعة ضيق العلوفة والزاد فأذن لهم في الانصراف وتناولوه بألسنتهم، ثم طلبوه في المناهضة فأذن لهم ووادعهم ليوم معلوم، وجهّز وحمل المال والزاد والماء والمحامل لجرجان، وتقدّم إلى مكانه بالأمس وجهّز العسكر على العقبة على عادته، وأمر جعفرا بالتقدّم بالمطوعة وأن يأتوا من أسهل الوجوه وأطلق يده بمن يريده من الناشبة والنفاطين، وتقدّم جعفر إلى مكانه بالأمس والمتطوعة معه، فقاتلوا وتعلّقوا بسور البذّ حتى ضرب جمعهم ما به وجاء الفعلة بالفئوس وطيف عليهم بالمياه والأزودة ثم جاء الخرّمية من الباب وكسروا على المطوعة وطرحوهم على السور ورموهم بالحجارة فنالت منهم وضعفوا عن الحرب، ثم تحاجزوا آخر يومهم وأمرهم الافشين بالانصراف وداخلهم اليأس من الفتح تلك السنة، وانصرف أكثر المطوعة. ثم عاود الأفشين الحرب بعد أسبوعين وبعث من جوف الليل ألفا من الناشبة إلى الجبل الّذي وراء البذّ حتى يعاينوا الأفشين من هذه الناحية فيرمون على الخرّمية. وبعث عسكرا آخر كمينا تحت ذلك الجبل الّذي وراء البذّ، وركب هو من الغداة إلى المكان الّذي يقف فيه على عادته. وتقدّم جعفر الخيّاط والقوّاد حتى صاروا جميعا حول ذلك الجبل، فوثب كمين بابك من أسفل الجبل بالعسكر الّذي جاء إليه لما فضحهم الصبح، وانحدر الناشبة من الجبل وقد ركّبوا الأعلام على رماحهم، وقصدوا جميعا أدين قائد بابك في جفلة، فانحدر إلى الوادي، فحمل عليه جماعة من أصحاب القوّاد فرمى عليهم الصخور من الجبل وتحدّرت إليهم ولما رأى ذلك بابك استأمن للأفشين على أن يحمل عياله من البذّ، وبينما هم في ذلك إذ جاء الخبر إلى الأفشين بدخول البذّ، وأنّ الناس صعدوا بالأعلام فوق قصور بابك حتى دخل واديا هنالك

<<  <  ج: ص:  >  >>