للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحرق الأفشين قصور بابك وقتل الخرّمية عن آخرهم، وأخذ أمواله وعياله، ورجع إلى معسكره عند المساء، وخالفه بابك إلى الحصن فحمل ما أمكنه من المال والطعام وجاء الأفشين من الغد فهدم القصور وأحرقها وكتب إلى ملوك أرمينية وبطارقتهم بإذكاء العيون عليه في نواحيهم حتى يأتوه به، ثم عثر على بابك بعض العيون في واد كثير الغياض يمرّ من أذربيجان إلى أرمينية فبعث من يأتي به فلم يعثروا عليه لكثرة الغياض والشجر. وجاء كتاب المعتصم بأمانه فبعث به الأفشين بعض المستأمنة من أصحاب بابك فامتنع من قبوله. وقتل بعضهم، ثم خرج من ذلك الوادي هو وأخوه عبد الله ومعاوية وأمّه يريدون أرمينية، ورآهم الحرس الذين جاءوا لأخذه وكان أبو السفاح هو المقدّم عليهم فمرّوا في اتباعهم وأدركوهم على بعض المياه، فركب ونجا وأخذ أبو السفاح معاوية وأمّ بابك وبعث بهم إلى الأفشين وسار بابك في جبال أرمينية مختفيا وقد أذكوا عليه العيون حتى إذا مسّه الجوع بعث بعض أصحابه بدنانير لشراء قوتهم فعثر به بعض المسلحة. وبعث إلى سهل بن ساباط [١] فجاء واجتمع بصاحب بابك الّذي كانت حراسة الطريق عليه، ودلّه على بابك فأتاه وخادعه حتى سار إلى حصنه وبعث بالخبر إلى الأفشين فبعث إليه بقائدين من قبله وأمرهما بطاعة ابن ساباط، فأكمنهما في بعض نواحي الحصن وأغرى بابك بالصيد وخرج معه فخرج القائدان من الكمين فأخذاه وجاء به إلى الأفشين ومعهما معاوية بن سهل بن ساباط فحبسه ووكّل بحفظه وأعطى معاوية ألف درهم، وآتى سهلا ألف ألف درهم ومنطقة مفرّقة بالجوهر. وبعث إلى عيسى بن يوسف بن أسطقانوس [٢] ملك البيلقان يطلب منه عبد الله أخا بابك، وقد كان لجأ إلى حصنه عند ما أحاط به ابن ساباط فأنفذه إليه، وحبسه الأفشين مع أخيه. وكتب إلى المعتصم فأمره بالقدوم بهما وذلك في شوّال من سنة اثنتين وعشرين، وسار الأفشين بهما إلى سامرا فكان يلقاه في كل رحلة رسول من المعتصم بخلعة وفرس. ولما قرب من سامرا تلقّاه الواثق وكبّر لقدومه وأنزل الأفشين وبابك عنده بالمطيرة، وتوّج الأفشين وألبسه وشاحين ووصله بعشرين ألف ألف درهم وعشرة آلاف ألف درهم يفرّقها في عسكره، وذلك في صفر سنة ثلاث وعشرين. وجاء أحمد ابن أبي داود إلى بابك متنكرا وكلّمه، ثم جاء المعتصم أيضا


[١] سهل بن سنباط: ابن الأثير ج ٦ ص ٤٧٣.
[٢] عيسى بن يونس بن اصطفانوس: المرجع السابق ص ٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>