على ذلك ما اقتضته صناعة الإعراب في لفظة ذات العماد أنّها صفة إرم وحملوا العماد على الأساطين فتعين أن يكون بناء ورشّح لهم ذلك قراءة ابن الزّبير عاد إرم على الإضافة من غير تنوين ثمّ وقفوا على تلك الحكايات الّتي هي أشبه بالأقاصيص الموضوعة الّتي هي أقرب إلى الكذب المنقولة في عداد المضحكات وإلّا فالعماد هي عماد الأخبية بل الخيام وإن أريد بها الأساطين فلا بدع في وصفهم بأنّهم أهل بناء وأساطين على العموم بما اشتهر من قوّتهم لأنّه بناء خاصّ في مدينة معيّنة أو غيرها وإن أضيفت كما في قراءة ابن الزّبير فعلى إضافة الفصيلة إلى القبيلة كما تقول قريش كنانة وإلياس مضر وربيعة نزار وأيّ ضرورة إلى هذا المحمل البعيد الّذي تمحّلت [١] لتوجيهه لأمثال هذه الحكايات الواهية الّتي ينزّه كتاب الله عن مثلها لبعدها عن الصّحّة.
ومن الحكايات المدخولة للمؤرّخين ما ينقلونه كافّة في سبب نكبة الرّشيد للبرامكة من قصّة العبّاسة أخته مع جعفر بن يحيى بن خالد مولاه وأنّه لكلفه بمكانهما من معاقرته إيّاهما الخمر أذن لهما في عقد النّكاح دون الخلوة حرصا على اجتماعهما في مجلسه وأنّ العبّاسة تحيّلت عليه في التماس الخلوة به لما شغفها من حبّه حتّى واقعها (زعموا في حالة السكر) فحملت ووشي بذلك للرّشيد فاستغضب وهيهات ذلك من منصب العبّاسة في دينها وأبويها وجلالها وأنّها بنت عبد الله بن عبّاس ليس بينها وبينه إلّا أربعة رجال هم أشراف الدّين وعظماء الملّة من بعده. والعبّاسة بنت محمّد المهديّ ابن عبد الله أبي جعفر المنصور بن محمّد السّجّاد ابن عليّ أبي الخلفاء ابن عبد الله ترجمان القرآن ابن العبّاس عمّ النّبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) ابنة خليفة أخت خليفة محفوفة بالملك العزيز والخلافة النّبويّة وصحبة الرّسول وعمومته وإقامة الملّة ونور الوحي ومهبط
[١] تمحل للشيء بمعنى، احتال في طلبه. وفي العبارة اضطراب، والتصويب «الّذي تمحل لتوجيهه بأمثال هذه الحكايات» .