للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج الأتراك لاعتراضه وبعث ابن طاهر لحفظه فقدموا به بغداد، ولم يظفر به الأتراك، ومضوا نحو النهروان فأحرقوا سفن الجسر. وكان المستعين قد بعث محمد بن خالد بن يزيد بن مزيد واليا على الثغور الجزرية، وأقام ينتظر الجند والمال، فلما بلغه خبر هذه الفتنة جاء على طريق الرقّة إلى بغداد فخلع عليه ابن طاهر وبعثه في جيش كثيف لمحاربتهم، وصار إلى ضبيعة بالسواد فأقام بها فقال ابن طاهر: لن يفلح أحد من العرب إلا أن يكون معه نبي ينصره الله به! ثم ذهب الأتراك وقاتلوا واتصل الحصار واشتدّت الحرب وانتهبت الأسواق، وورد الخبر من الثغور بأنّ بلكاجور حمل الناس على بيعة المعتز فقال ابن طاهر: لعله ظنّ موت المستعين فكان كذلك، ووصل كتابه بأنه جدّد البيعة، وكان موسى بن بغا مع الأتراك كما قدّمنا، فأراد الرجوع على المستعين فامتنع أصحابه وقاتلوه فلم يتم له أمره وفرّ القعّاطون [١] من البصرة ورموا على الأتراك فأحرقوهم، فبعث ابن طاهر إلى المدائن ليحفظها، وأمده بثلاثة آلاف فارس، وبعث إلى الأنبار حوبة بن قيس فشق الماء إلى خندقها من الفرات، وجاء إلى الإسحاقي من قبل المعتز فسبق المدد الّذي جاء من قبل ابن طاهر، وملك الأنبار. ورجع حوبة إلى بغداد فأنفذ ابن طاهر الحسين بن إسماعيل في جماعة من القوّاد والجند، فاعترضه الأتراك وحاربوه، وعاد الأنبار وتقدّم هو لينزل عليهما، وبينما هو يحطّ الأثقال إذا بالأتراك فقاتلهم وهزمهم وأثخن فيهم، وكانوا قد كمنوا له فخرج الكمين وانهزم الحسين وغرق كثير من أصحابه في الفرات، وأخذ الأتراك عسكره، ووصل إلى الياسرية آخر جمادى الآخرة ومنع ابن طاهر المنهزمين من دخول بغداد وتوعدهم على الرجوع إليه، وأمدّه بجند آخر، فدخل من الياسرية وبعث على المخاض الحسين بن علي بن يحيى الأرميني في مائتي مقاتل ليمنع الأتراك من العبور إليه من عدوة الفرات، فوافوه وقاتلوه عليها فهزموه، وركب الحسين في زورق منحدرا وترك عسكره وأثقاله، فاستولى عليها الأتراك ووصل المنهزمون إلى بغداد من ليلتهم، ولحق من عسكره جماعة من القوّاد والكتّاب بالمعتزّ وفيهم عليّ ومحمد ابنا الواثق، وذلك أوّل رجب. ثم كانت بينهم عدّة وقعات وقتل من الفريقين خلق ودخل الأتراك في كثير من الأيام بغداد وأخرجوا عنها ثم ساروا إلى المدائن وغلبوا عليها ابن أبي السفّاح وملكوها. وجاء الأتراك الذين بالأنبار إلى الجانب الغربي وانتهوا إلى


[١] مقتضى السياق: النغّاطون.

<<  <  ج: ص:  >  >>