الزيديّة، وكان من أئمتهم عليّ بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد الشهير وكان نازلا بالبصرة، ولما وقع البحث عليه من الخلفاء ظفروا بابن عمّه عليّ بن محمد بن الحسين، فقتل بغدك ولأيام من قتله خرج رجل بالريّ يدّعي أنه عليّ بن محمد بن أحمد بن عيسى المطلوب وذلك سنة خمس وخمسين ومائتين أيام المهتدي. ولما ملك البصرة لقي عليّا هذا حيّا معروف النسب، فرجع عن ذلك وانتسب إلى يحيى قتيل الجوزجان أخي عيسى المذكور. ونسبه المسعوديّ إلى طاهر بن الحسين وأظنّه الحسين ابن طاهر بن يحيى المحدّث بن الحسين بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن عليّ، لأن ابن حزم قال في الحسين السبط أنه لا عقب له إلا من عليّ بن الحسين، وقال فيه عليّ بن محمد بن جعفر بن الحسين بن طاهر. وقال الطبريّ وابن حزم وغيرهم من المحقّقين أنه من عبد القيس، واسمه عليّ بن عبد الرحيم من قرية من قرى الريّ، ورأى كثرة خروج الزيديّة فحدّثته نفسه بالتوثّب فانتحل هذا النسب، ويشهد لذلك أنه كان على رأي الأزارقة من الخوارج، ولا يكون ذلك من أهل البيت.
وسياقة خبره أنه كان اتصل بجماعة من حاشية المنتصر ومدحهم. ثم شخص من سامرّا إلى البحرين سنة تسع وأربعين ادّعى أنه من ولد العبّاس بن أبي طالب من ولد الحسن بن عبد الله بن العبّاس، ودعا الناس إلى طاعته فاتبعه كثير من أهل حجر وغيرها، وقاتلوا أصحاب السلطان بسببه وعظمت فتنته، فتحوّل عنهم إلى الأحساء ونزل على بني الشمّاس من سعد بن تميم، وصحبه جماعة من البحرين منهم يحيى بن محمد الأزرق وسليمان بن جامع، فكانا قائدين له، وقاتل أهل البحرين فانهزم وافترقت العرب عنه واتبعه عليّ بن أبان وسار إلى البصرة ونزل في بني ضبيعة وعاملها يومئذ محمد بن رجاء، والفتنة فيها بين البلاليّة والسعديّة، وطلبه ابن رجاء فهرب وحبس ابنه وزوجته وجماعة من أصحابه، فسار إلى بغداد وأقام بها حولا وانتسب إلى محمد بن أبي أحمد بن عيسى كما قلناه، واستمال بها جماعة منهم جعفر ابن محمد الصوحانيّ من ولد زيد بن ضوحان ومسروق ورفيق غلامان ليحيى بن عبد الرحمن وسمّى مسروقا حمزة وكنّاه أبا أحمد، وسمّى رفيقا جعفرا وكنّاه أبا الفضل.
ثم وثب رؤساء البلاليّة والسعديّة بالبصرة وأخرجوا العامل محمد بن رجاء، فبلغه ذلك وهو ببغداد، وأنّ أهله خلعوه فرجع إلى البصرة في رمضان سنة خمس وخمسين ويحيى بن محمد وسليمان بن جامع ومسروق ورفيق، فنزل بقصر القرش