للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعا الغلمان من الزنوج ووعدهم بالعتق فاجتمع له منهم خلق وخطبهم ووعدهم بالملك ورغّبهم في الإحسان وحلف لهم وكتب لهم في خرقة إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم الآية. واتخذها راية وجاءه موالي الزنوج في عبيدهم فأمر كل عبد أن يضرب مولاه وحبسهم ثم أطلقهم، ولم يزل هذا رأيه والزنوج في متابعته والدخول في أمره وهو يخطبهم في كل وقت ويرغّبهم. ثم عبر دجيلا إلى نهر ميمون، فأخرج عند الحميريّ وملكه وسار إلى الأيلّة وبها ابن أبي عون فخرج إليه في أربعة آلاف فهزمهم ونال منهم. ثم سار إلى القادسية فنهبها وكثر سلاحهم، وخرج جماعة من أهل البصرة لقتاله، فبعث إليهم يحيى بن محمد في خمسمائة رجل فهزمهم وأخذ سلاحهم. ثم طائفة أخرى كذلك وأخرى، وخرج قائدان من البصرة فهزمهما وقتل منهما، وكانت معهما سفن ألقتها الريح إلى الشطّ فغنموا ما فيها وقتلوا وكثر عيثه وفساده. وجاء أبو هلال من قوّاد الأتراك في أربعة آلاف مقاتل فلقيه على نهر الريان فهزمه الزنج واستلحموا أكثر أصحابه، ثم خرج أبو منصور أحد موالي الهاشميين في عسكر عظيم من المطوعة والبلاليّة والسعديّة فسرّح للقائهم علي بن أبان فلقي طائفة منهم فهزمهم، ثم أرسل طائفة أخرى إلى مرفأ السفن وفيه نحو من ألفي سفينة فهرب عنها أهلها ونهبوها، ثم جاءت عساكر أبي منصور وقعد الزنوج لهم بين النخل وعليهم عليّ بن أبان، ومحمد بن مسلم، فهزموا العسكر وقتلوا منهم وأخذوا سلاحهم. ثم سار فنهب القرى حتى امتلأت أيديهم بالنهب. ثم سار يريد البصرة ولقيته عساكرها فهزمهم الزنج وأثخنوا فيهم. ثم سار من الغد نحو البصرة وخرج إليه أهلها واحتشدوا وزحفوا إليه برّا وبحرا فلقيهم بالسدّ وانهزموا هزيمة شنعاء كثر فيها القتل. ووهن أهل البصرة وكتبوا إلى الخليفة فبعث إليهم جعلان التركي مددا وولّى على الأبلّة أبا الأحوص الباهلي وأمّه بجند من الأتراك، وقد بثّ صاحب الزنج أصحابه يمينا وشمالا للغارة والنهب. ولما وصل جعلان إلى البصرة، نزل على فرسخ منهم وخندق عليه، وأقام ستة أشهر يسرّح لحربهم الزيني مع بني هاشم ومرجف. ثم بيته الزنج فقتلوا جماعة من أصحابه، وتحوّل عن مكانه ثم انصرف عن حربهم وظفر صاحب الزنج بعده من المراكب غنم فيها أموالا عظيمة، وقتل أهلها وألحّ بالغارات على الأبلّة إلى أن دخلها عنوة آخر رجب سنة ست وخمسين، وقتل عاملها أبا الأخوص عبيد الله ابن حميد الطوسي وخلقا من أهلها واستباحها وأحرقها وبلغ ذلك أهل عبّادان

<<  <  ج: ص:  >  >>