للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظلم عن الرعيّة. فأنف حامد من ذلك واستأذن في المسير إلى واسط للنظر في ضمانه، فأذن له ثم كثرت استغاثة الخدم والحاشية من تأخّر أرزاقهم وفسادها، فإنّ عليّ بن عيسى كان يؤخّرها وإذا اجتمعت عدّة شهور أسقطوا بعضها، وكثرت السعاية واستغاث العمّال وجميع أصحاب الأرزاق بأنه حطّ من أرزاقهم شهرين من كل سنة، فكثرت الفتنة على حامد، وكان الحسن ابن الوزير ابن الفرات متعلّقا بمفلح الأسود خالصة [١] الخليفة المقتدر وكان شقيقه لأبيه، وجرى بينه وبين حامد يوما كلام، فأساء عليه حامد وحقد له. وكتب ابن الفرات إلى المقتدر وضمن له أموالا فأطلقه واستوزره، وقبض على عليّ بن عيسى وحبسه في مكانه، وذلك سنة إحدى عشرة، وجاء حامد من واسط فبعث ابن الفرات من يقبض عليه، فهرب من طريقه واختفى ببغداد. ثم مضى إلى نصر بن الحاجب سرّا وسأل إيصاله إلى المقتدر، وأن يحبسه بدار الخلافة، ولا يمكّن ابن الفرات منه. فاستدعى نصر الحاجب مفلحا الخادم حتى وقفه على أمره وشفع له في رفع المؤاخذة بما كان منه، فمضى إلى المقتدر وفاوضه بما أحبّ، وأمر المقتدر بإسلامه [٢] لابن الفرات فحبسه مدّة ثم أحضره وأحضر له القضاة والعمّال، وناظره فيما وصل إليه من الجهات فأقرّ بنحو ألف ألف دينار. وضمنه المحسن بن الفرات بخمسمائة ألف دينار فسلّم إليه وعذّبه أنواعا من العذاب، وبعثه إلى واسط ليبيع أمواله هناك فهلك في طريقه بإسهال أصابه. ثم صودر عليّ بن عيسى على ثلاثمائة ألف دينار وعذّبه المحسن بعد ذلك عليها فلم يستخرج منه شيئا وسيّره ابن الفرات أيام عطلته وحبسه بعد أن كان ربّاه وأحسن إليه، فقبض عليه مدّة ثم أطلقه، وقبض على ابن الجوزي وسلّمه إلى ابنه المحسن، فعذّبه ثم بعثه إلى الأهواز لاستخراج الأموال، فضربه الموكّل به حتى مات. وقبض أيضا على الحسين بن أحمد، وكان تولّى مصر والشام وعلى محمد بن علي المارداني وصادرهما على ألف ألف وسبعمائة ألف دينار، وصادر جماعة من الكتّاب سواهم ونكبهم. وجاء مؤنس من غزاته فأنهى إليه أفعال ابن الفرات وما هو يعتمد من المصادرات والنكايات وتعذيب ابنه للناس، فخافه ابن الفرات وخوّف المقتدر منه. وأشار بسيره إلى الشام ليقيم هنالك بالثغر، فبعثه


[١] هي كلمة عامية بلغة أهل المغرب ومعناها الصديق الحميم.
[٢] الأصح ان يقول وتسليمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>