المقتدر وأبعده. ثم سعى ابن الفرات بنصر الحاجب وأغراه به وأطمعه في ماله وكان مكثرا واستجار نصر بأمّ المقتدر. ثم كثر الإرجاف بابن الفرات، فخاف وانهى إلى المقتدر بأنّ الناس عادوه لنصحه للسلطان واستيفاء حقوقه، وركب هو وابنه المحسن إلى المقتدر فأوصلهما إليه وأسهمهما، وخرجا من عنده فمنعهما نصر الحاجب، ودخل مفلح على المقتدر وأشار إليه بعزله، فأسرّ إليه وفاقه على ذلك، وأمر بتخلية سبيلهما.
واختفى المحسن من يومه. وجاء نازوك وبليق من الغد في جماعة من الجند إلى دار ابن الفرات فأخرجوه حافيا حاسرا، وحمل إلى مؤنس المظفّر ومعه هلال بن بدر، ثم سلّم إلى شفيع اللؤلؤي فحبس عنده وصودر على ألف ألف دينار، وذلك سنة اثنتي عشرة. وكان عبد الله أبو القاسم بن عليّ بن محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان لما تغير حال ابن الفرات سعى في الوزارة، وضمن في ابن الفرات وأصحابه ألفي ألف دينار على يد مؤنس الخادم وهارون بن غريب الحال ونصر الحاجب، فاستوزره المقتدر على كراهية فيه، ومات أبوه عليّ على وزارته. وشفع إليه مؤنس الخادم في إعادة عليّ بن عيسى من صنعاء، فكتب له في العود وبمشارفة أعمال مصر والشام، وأقام المحسن بن الفرات مختفيا مدّة. ثم جاءت امرأة إلى دار المقتدر تنادي بالنصيحة، فأحضرها نصر الحاجب فدلّت على المحسن، فأحضره نازوك صاحب الشرطة، فسلّم للوزير وعذّب بأنواع العذاب، فلم يستخرج منه شيء فأمر المقتدر بحمله إلى أبيه بدار الخلافة، وجاء الوزير أبو القاسم الخاقاني إلى مؤنس وهارون ونصر فحذّرهم شأن ابن الفرات وغائلته بدار الخلافة، وأغراهم به، فوضعوا القوّاد والجند وقالوا: لا بدّ من قتل ابن الفرات وولده، ووافق هؤلاء على ذلك فأمر نازوك بقتلهما فذبحهما. وجاء هارون إلى الوزير الخاقاني يهنّئه بذلك فأغمي عليه، ثم أفاق وأخذ منه ألفي دينار وشفع مؤنس المظفّر في ابنيه عبد الله وأبي نصر فأطلقهما ووصلهما بعشرين ألف دينار. ثم عزل الخاقاني سنة ثلاث عشرة لأنه أصابه المرض وطال به، وشغب الجند في طلب أرزاقهم فوقفت به الأحوال، وعزله المقتدر وولّى مكانه أبا العبّاس الخصيّ [١] وكان كاتبا لأمّه فقام بالأمر، وأقرّ علي بن عيسى على أعمال مصر والشام، فكان يتردّد إليهما من مكّة، ثم أنّ الخصي اضطربت أموره وضاقت الجباية، وكان مدمنا للسكر مهملا للأمور، ووكّل من يقوم عنه فآثروا مصالحهم