معترضا للحاج في رجوعهم من مكّة، فاعترض أوائلهم ونهبهم، وجاء الخبر إلى الحاج وهم بعيد، وقد فنيت أزوادهم وكان معهم أبو الهيجاء بن حمدان صاحب طريق الكوفة. ثم أغار عليهم أبو طاهر فأوقع بهم وأسر أبا الهيجاء أحمد بن بدر من أخوال المقتدر، ونهب الأمتعة وسبى النساء والصبيان، ورجع إلى هجر. وبقي الحجّاج ضاحين في القفر إلى أن هلكوا، ورجع كثير من الحرم إلى بغداد، وأشغبوا واجتمع معهم حرم المنكوبين أيام ابن الفرات، فكان ذلك من أسباب نكبته. ثم أطلق أبو طاهر الأسرى الذين عنده ابن حمدان وأصحابه، وأرسل إلى المقتدر يطلب البصرة والأهواز، فلم يجبه وسار من هجر لاعتراض الحاج، وقد سار بين أيديهم جعفر بن ورقاء الشيبانيّ في ألف رجل من قومه، وكان صاحب أعمال الكوفة وعلى الحاج بمثل صاحب البحر وجنا الصفواني وطريف اليشكريّ وغيرهم في ستة آلاف رجل، فقاتل جعفر الشيبانيّ أوّلا وهزمه. ثم اتبع الحاج إلى الكوفة فهزم عسكرهم وفتك فيهم، وأسرجنا الصفواني، وهرب الباقون. وملك الكوفة، وأقام بظاهرها ستة أيام يقيم في المسجد إلى الليل ويبيت في عسكره وحمل ما قدر عليه من الأموال والمتاع ورجع إلى هجر. ووصل المنهزمون إلى بغداد فتقدّم المقتدر إلى مؤنس بالخروج إلى الكوفة فسار إليها بعد خروجهم عنها، واستخلف عليها ياقوتا ومضى إلى واسط ليمانع أبا طاهر دونها، ولم يحج أحد هذه السنة وبعث المقتدر سنة أربع عشرة عن يوسف بن أبي الساج من أذربيجان وسيّره إلى واسط لحرب أبي طاهر. ورجع مؤنس إلى بغداد وخرج أبو طاهر سنة خمس عشرة وقصد الكوفة، وجاء الخبر إلى ابن أبي الساج فخرج من واسط آخر رمضان يسابق أبا طاهر إليها، فسبقه أبو طاهر وهرب العمّال عنها واستولى على الأتراك والعلوفات التي أعدّت بها. ووصل ابن أبي الساج ثامن شوّال بعد وصول أبي طاهر بيوم وبعث يدعوه إلى الطاعة للمقتدر، فقال لا طاعة إلّا للَّه فآذنه بالحرب وتزاحفوا يوما إلى الليل. ثم انهزم أصحاب ابن أبي الساج وأسروا ووكّل أبو طاهر طبيبا يعالج جراحته، ووصل المنهزمون ببغداد فأرجفوا بالهرب، وبرز مؤنس المظفّر لقصد الكوفة. وقد سار القرامطة إلى عين التمر فبعث مؤنس من بغداد خمسمائة سرية ليمنعهم من عبور الفرات. ثم قصد القرامطة الأنبار ونزلوا غربي الفرات، وجاءوا بالسفن من الحديثة، فأجاز فيها ثلاثمائة منهم، وقاتلوا عسكر الخليفة فهزموهم واستولوا على مدينة الأنبار. وجاء الخبر إلى بغداد فخرج