الشرطة، وجاءه بنّيّ بن قيس، وكان المقتدر قد أخذ منه الدّينور وأعادها إليه مؤنس، واشتمل عليه. وجمع المقتدر في داره هارون بن غريب وأحمد بن كيغلغ والغلمان الحجرية والرجال المصافيّة، ثم انتقض أصحاب المقتدر وجاءوا إلى مؤنس وذلك في فتح سنة سبع عشرة. فكتب مؤنس إلى المقتدر بأنّ الناس ينكرون سرفه فيما أقطع الحرم والخدم من الأموال والضياع ورجوعه إليهم في تدبير ملكه، ويطالبه بإخراجهم من الدار وإخراج هارون بن غريب معهم، وانتزاع ما في أيديهم من الأموال والأملاك. فأجاب المقتدر إلى ذلك، وكتب يستعطفه ويذكّره البيعة ويخوّفه عاقبة النكث، وأخرج هارون إلى الثغور الشامية والجزريّة، فسكن مؤنس ودخل إلى بغداد ومعه ابن حمدان ونازوك والناس يرجفون بأنه خلع المقتدر. فلمّا كان عشر محرّم من هذه السنة، ركب مؤنس إلى باب الشمّاسيّة وتشاور مع أصحابه قليلا، ثم رجعوا إلى دار الخليفة بأسرهم، وكان المقتدر قد صرف أحمد بن نصر القسوري عن الحجابة وقلّدها ياقوتا وكان على حرب فارس، فاستخلف مكانه ابنه أبا الفتح المظفّر. فلما جاء مؤنس إلى الدار هرب ابن ياقوت وسائر الحجبة والخدم والوزير وكل من بالدار، ودخل مؤنس فأخرج المقتدر وأمّه وولده وخواصّ جواريه، فنقلهم إلى داره واعتقلهم بها، وبلغ الخبر هارون بن غريب بقطربّل فدخل إلى بغداد واستتر، ومضى ابن حمدان إلى دار ابن طاهر فأحضر محمد بن المعتضد، وبايعوه ولقّبوه القاهر باللَّه. وأحضروا القاضي أبا عمر المالكي عند المقتدر للشهادة عليه بالخلع، وقام ابن حمدان يتأسّف له ويبكي ويقول: كنت أخشى عليك مثل هذا ونصحتك فلم تقبل، وآثرت قول الخدم والنساء على قولي، ومع هذا فنحن عبيدك وخدمك، وأودع كتاب الخلع عند القاضي أبي عمر ولم يظهر عليه أحدا حتى سلّمه إلى المقتدر بعد عوده، فحسن موقع ذلك منه وولّاه القضاء. ولما تمّ الخلع عمد مؤنس، إلى دار الخليفة فنهبها ومضى ابن نفيس إلى تربة أمّ المقتدر فاستخرج من بعض قبورها ستمائة ألف دينار وحملها إلى القاهر، وأخرج مؤنس عليّ ابن عيسى الوزير من الحبس وولّى عليّ بن مقلة الوزارة، وأضاف إلى نازوك الحجابة مع الشرطة، وأقطع ابن حمدان حلوان والدّينور وهمذان وكرمان والصيمرة ونهوند وشيراز وماسبذان مضافا إلى ما بيده من أعمال طريق خراسان، وكان ذلك منتصف المحرّم. ولما تقلّد نازوك الحجابة أمر الرجّالة بتقويض خيامهم من الدار