للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدالهم ابن جالة من أصحابه فأسفهم بذلك وتقدّموا إلى خلفاء الحجاب بأن يمنعوا الناس من الدخول إلا أصحاب المراتب فاضطربت الحجرية لذلك [١] . فلما كان سابع عشر المحرّم وهو يوم الإثنين بكّر الناس إلى الخليفة لحضور الموكب وامتلأت الرحاب وشاطئ دجلة بالناس، وجاء الرجّالة المصافيّة شاكي السلاح يطالبون بحق البيعة ورزق سنة، وقد بلغ منهم الحنق على نازوك مبالغه، وقعد مؤنس عن الحضور ذلك اليوم، وزعق الرجّالة المصافيّة فنهى نازوك أصحابه أن يعرضوا لهم، فزاد شغبهم وهجموا على الصحن المنيعي، ودخل معهم من كان على الشطّ من العامة بالسلاح، والقاهر جالس وعنده عليّ بن مقلة الوزير ونازوك، فقال لنازوك أخرج إليهم فسكّنهم! فخرج وهو متحامل من الخمار فتقدّم إلى الرجّالة للشكوى بحالهم ورأى السيوف في أيديهم فهرب، فحدث لهم الطمع فيه وفي الدولة، واتّبعوه فقتلوه وخادمه عجيفا ونادوا بشعار المقتدر. وهرب كل من في الديار من سائر الطبقات وصلبوا نازوك وعجيفا على شاطئ دجلة. ثم ساروا إلى دار مؤنس يطلبون المقتدر، وأغلق الخادم أبواب دار الخليفة، وكانوا كلّهم صنائع المقتدر، وقصد أبو الهيجاء حمدان الفرات فتعلق به القاهر واستقدم به، فقال له: أخرج معي إلى عشيرتي أقتل دونك! فوجد الأبواب مغلقة فقال له ابن حمدان: قف حتى أعود إليك ونزع ثيابه ولبس بعض الخلقان، وجاء إلى الباب فوجده مغلقا والناس من ورائه، فرجع إلى القاهر وتمالأ بعض الخدّام على قتله، فقاتلهم حتى كشفهم، ودخل في بعض مسارب البستان فجاءوه إليهم فقتلوه وحملوا رأسه. وانتهى الرّجالة إلى دار مؤنس يطلبون المقتدر فسلّمه إليهم وحملوه على رقابهم إلى دار الخلافة، فلما توسّط الصحن المنيعي اطمأنّ وسأل عن أخيه القاهر وابن حمدان وكتب لهما الأمان بخطّه، وبعث فيهما فقيل له إنّ ابن حمدان قد قتل، فعظم عليه وقال: والله ما كان أحمد بسيف في هذه الأيام غيره، وأحضر القاهر فاستدناه وقبّل رأسه وقال له: لا ذنب لك ولو لقّبوك المقهور لكان أولى من القاهر! وهو يبكي ويتطارح عليه حتى حلف له على الأمان، فانبسط وسكن. وطيف برأس نازوك وابن حمدان،


[١] هكذا بالأصل وفي الكامل لابن الأثير ج ٨ ص ٢٠٢: «ولمّا تقلّد نازوك حجبة الخليفة أمر الرجّالة المصافية بقلع خيامهم من دار الخليفة، وأمر رجاله وأصحابه أن يقيموا بمكان المصافيّة، فعظم ذلك عليهم، وتقدّم إلى خلفاء الحجاب ان لا يمكنوا أحدا من الدخول إلى دار الخليفة، إلا من له مرتبة، فاضطربت الحجبة من ذلك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>