يبلغ المصلي من المهديّة، ثم جهّز العساكر وبعثها إلى رقادة والقيروان، وبعث خادمه ميسورا الخصيّ لحربه. وبعث عسكرا مع خادمه بشري إلى باجة فنهض إليه أبو يزيد وهزمه إلى تونس، ودخل أبو يزيد باجة فنهبها وأحرقها، وقتل الأطفال وسبى النساء، واجتمع إليه قبائل البربر، واتخذ الأبنية والبيوت وآلات الحرب، وبعث إليه بشري عسكرا من تونس، وبعث أبو يزيد للقائهم عسكرا آخر فانهزم أصحاب أبي يزيد وظفر أصحاب بشري. ثم ثار أهل تونس ببشري فهرب فاستأمنوا لأبي يزيد فأمّنهم وولّى عليهم، وسار إلى القيروان وبعث القائم خديمه بشري للقائه. وأمره أن يبعث من يتجسّس عن أخباره فبعث طائفة، وبعث أبو يزيد طائفة أخرى فانهزم عسكر أبي يزيد وقتل منهم أربعة آلاف، وجيء بأسراهم إلى المهديّة فقتلوا، فسار أبو يزيد إلى قتال الكتاميّين فهزم طلائعهم وأتبعهم إلى القيروان، ونزل على رقادة في مائتي ألف مقاتل، وعاملها يومئذ خليل بن إسحاق وهو ينتظر وصول ميسور بالعساكر، ثم ضايقه أبو يزيد وأغراه الناس بالخروج فخرج، وهزمه أبو يزيد فمضى إلى القيروان. ودخل أبو يزيد رقادة فعاث فيها وبعث أيوب الزويلي في عسكر إلى القيروان فملكها في صفر سنة ثلاث وثلاثين، ونهبها وأمّن خليلا فقتله أبو يزيد، وخرج إليه شيوخ أهل القيروان فأمّنهم ورفع النهب عنهم، وزحف ميسور إلى أبي يزيد، وكان معه أبو كملان فكاتبوا أبا يزيد وداخلوه في الغدر بميسور، وكتب إليه القائم بذلك فحذّرهم فطردهم عنه، ولحقوا بأبي يزيد وساروا معه إلى ميسور فانهزم ميسور، وقتله بنو كملان وجاءوا برأسه فأطافه بالقيروان، وبعث بالبشرى إلى البلاد. وبلغت هزيمة ميسور إلى القائم بالمهدية فاستعدّ للحصار، وأمر بحفر الخنادق، وأقام أبو يزيد سبعين يوما في مخيم ميسور وبث السرايا في كل ناحية يغنمون ويعودون، وأرسل سرية إلى سوسة ففتحوها عنوة واستباحوها، وخرّب عمران إفريقية من سائر الضواحي ولحق فلّهم بالقيروان حفاة عراة. ومات أكثرهم جوعا وعطشا. ثم بعث القائم إلى رؤساء كتامة والقبائل وإلى زيري بن مناد ملك صنهاجة بالمسير إلى المهدية فتأهّبوا لذلك، وسمع أبو يزيد بخبرهم فنزل على خمسة فراسخ من المهدية، وبثّ السرايا في جهاتها، وسمع كتامة بافتراق عسكره في الغارة فخرجوا لبياته آخر جمادى الأولى، وكان ابنه فضل قد جاء بالمدد من القيروان فبعثه للقاء كتامة، وركب في أثرهم ولقي أصحابه منهزمين. ولما رآه الكتاميون انهزموا بغير قتال