عشرين ألفا، ثم نزل في خيامه وجيء بالأسرى فخلع على من جاء بهم وبذل لمن جاء بأفتكين مائة ألف دينار، فلقيه المفرّج بن دغفل الطائي، وقد جهده العطش فاستسقاه فسقاه وتركه بعرشه مكرّما. وجاء إلى العزيز فأخبره بمكانه، وأخذ المائة ألف التي بذلها فيه، وأمكنه من قياده. ولما حضر عند العزيز وهو لا يشك أنه مقتول أكرمه العزيز ووصله، ونصب له الخيام وأعاد إليه ما نهب له، ورجع به إلى مصر فجعله أخص خدمه وحجّابه، وبعث إلى الأعصم القرمطيّ من يردّه إليه ليصله، كما فعل بأفتكين فأدرك بطبرية، وامتنع من الرجوع فبعث إليه بعشرين ألف دينار وفرضها له ضريبة، وسار القرمطيّ إلى الأحساء، وعاد العزيز إلى مصر ورقى رتبة أفتكين وخصّ به الوزير يعقوب بن كلس فسمّه، وسمع العزيز بأنه سمّه فحبسه أربعين يوما وصادره على خمسمائة ألف دينار، ثم خلع عليه وأعاده إلى وزارته.
وتوفي جوهر الكاتب في ذي القعدة من سنة إحدى وثمانين، وقام ابنه الحسن مقامه، ولقّب قائد القوّاد. وكان أفتكين قد استخلص أيام وزارته بدمشق رجلا اسمه قسّام، فعلا صيته وكثر تابعه، واستولى على البلد. ولما انهزم أفتكين والقرامطة، بعث العزيز القائد أبا محمود بن إبراهيم واليا على دمشق كما كان لأبيه المعزّ فوجد فيها قسّاما قد ضبط البلد، وهو يدعو للعزيز فلم يتم له معه ولاية. وبقي قسّام مستبدا عليه إلى أن مات أبو محمود سنة سبعين. ثم جاء أبو ثعلب بن حمدان صاحب الموصل إلى دمشق، عند انهزامه أمام عضد الدولة، فمنعه قسّام من الدخول وخاف أن يغلبه على البلد بنفسه أو بأمر العزيز، واستوحش أبو ثعلب لذلك فقاتله قليلا، ثم رحل إلى طبريّة، وجاءت عساكر العزيز مع قائده الفضل فحاصروا قسّاما بدمشق، ولم يظفروا به ورجعوا. ثم بعث العزيز سنة تسع وستين سليمان بن جعفر بن فلاح فنزل بظاهرها، ولم يمكّنه قسّام من دخولها، ودسّ إلى النّاس فقاتلوه وأزعجوه [١] عن مكانه. وكان مفرج بن الجرّاح أمير بني طيِّئ وسائر العرب بأرض فلسطين قد كثرت جموعه وقويت شوكته، وعاث في البلاد وخرّبها، فجهّز العزيز العساكر لحربه مع قائدة بلتكين التركيّ، فسار إلى الرملة، واجتمع إليه العرب من قيس وغيرهم، ولقي ابن الجرّاح وقد أكمن لهم بلتكين من ورائهم، فانهزم ومضى الى أنطاكية، فأجاره