صاحبها، وصادف خروج ملك الروم من القسطنطينية إلى بلاد الشام فخاف ابن الجرّاح وكاتب بكجور مولى سيف الدولة وعامله على حمص، ولجأ إليه فأجاره. ثم زحف بلتكين إلى دمشق وأظهر لقسّام أنه جاء لإصلاح البلد. وكان مع قسّام جيش ابن الصمصامة ابن أخت أبي محمود قد قام بعده في ولايته، فخرج إلى بلتكين فأمره بالنزول معه بظاهر البلد هو وأصحابه. واستوحش قسّام وتجهّز للحرب. ثم قاتل وانهزم أصحابه، ودخل بلتكين أطراف البلد فنهبوا وأحرقوا. واعتزم أهل البلد على الاستئمان إلى بلتكين، وشافهوه بذلك فأذن لهم، وسمع قسّام فاضطرب وألقى ما بيده واستأمن الناس إلى بلتكين لأنفسهم ولقسّام، فأمّن الجميع وولّى على البلد أميرا اسمه خطلج، فدخل البلد وذلك في المحرم سنة اثنتين وسبعين، ثم اختفى قسّام بعد يومين فنهبت دوره ودور أصحابه، وجاء ملقيا بنفسه على بلتكين فقبله وحمله إلى مصر فأمّنه العزيز. وكان بكجور في غويّة من غلمان سيف الدولة وعامله على حمص. وكان يمدّ دمشق أيام هذه الفتنة والغلاء، ويحمل الأقوات من حمص إليها ويكاتب العزيز بهذه الخدم، ثم استوحش سنة ثلاث وسبعين من مولاه أبي المعالي فاستنجز من العزيز وعده إياه بولاية دمشق، وصادف ذلك أنّ المغاربة بمصر أجمعوا على التوثّب بالوزير ابن كلس، ودعت الضرورة إلى استقدام بلتكين من دمشق فأمره العزيز بالقدوم، وولاية بكجور على دمشق ففعل. ودخلها بكجور في رجب من سنة ثلاث وسبعين، وعاث في أصحاب ابن كلس وحاشيته بدمشق لما كان يبلغه عنه من صدّ العزيز عن ولايته. ثم أساء السيرة في أهل دمشق فسعى ابن كلس في عزله عند العزيز، وجهّز العساكر سنة ثمان وسبعين مع منير الخادم، وكتب إلى نزال عامل طرابلس بمظاهرته، وجمع بكجور العرب وخرج للقائه فانهزم. ثم خاف من وصول نزال فاستأمن لهم وتوجّه إلى الرقّة فاستولى عليها، ودخل منير دمشق واستقّر في ولايتها، وارتفعت منزلته عند العزيز وجهزه لحصار سعد الدولة بحلب. وكان بكجور بعد انصرافه من دمشق إلى الرقّة سأل من سعد الدولة العود إلى ولاية حمص فمنعه فأجلب عليه، واستنجد العزيز لحربه، وبعث إلى نزال عامل طرابلس بمظاهرته فسار إليه بالعساكر، وخرج سعد الدولة من حلب للقائهم وقد أضمر نزال الغدر ببكجور، وتقدّم إليه بذلك عيسى بن نسطورس وزير العزيز بعد ابن كلس. وجاء سعد الدولة للقائهم وقد استمدّ عامل أنطاكية للروم فامدّه بجيش