كثير وداخل العرب الذين مع بكجور في الانهزام عنه، ووعدوه بذلك من أنفسهم، فلما تراءى الجمعان وشعر بكجور بخديعة العرب فاستمات وحمل على الصفّ بقصد سعد الدولة، فقتل لؤلؤ الكبير مولاه بطعنه إياه. ثم حمل عليه سعد الدولة فهزمه، فسار إلى بعض العرب وحمل إلى سعد الدولة فقتله، وسار إلى الرقّة فملكها وقبض جميع أمواله، وكانت شيئا لا يعبّر عنه، وكتب أولاده إلى العزيز يستشفعون به، فشفع إلى سعد الدولة فيهم أن يبعثهم إلى مصر، ويتهدّده على ذلك، فأساء سعد الدولة الردّ وجهّز لحصار حلب الجيوش مع منجوتكين، فنزل عليها وحاصرها وبها أبو الفضائل بن سعد الدولة ومولاه لؤلؤ الصغير. وأرسلا إلى بسيل ملك الروم يستنجدانه وهو في قتال بلغار، فبعث إلى عامل أنطاكية أن يمدّهما، فسار في خمسين ألفا حتى نزل حبس العاصي، وبلغ خبره إلى منجوتكين فارتحل عن حلب، ولقي الروم فهزمهم وأثخن فيهم قتلا وأسرا. وسار إلى أنطاكية وعاث في نواحيها، وخرج أبو الفضائل في مغيب منجوتكين إلى ضواحي حلب، فنقل ما فيها من الغلال وأحرق بقيتها لتفقد عساكر منجوتكين الأقوات. فلما عاد منجوتكين إلى الحصار، جهّز عسكره وأرسل لؤلؤ إلى أبي الحسن المغربيّ في الصلح، فعقد له ذلك، ورحل منجوتكين، إلى دمشق، وبلغ الخبر إلى العزيز فغضب، وكتب إلى منجوتكين بالعود إلى حصار حلب وإبعاد الوزير المغربيّ، وأنفذ الأقوات للعسكر في البحر الى طرابلس. وأقام منجوتكين في حصار حلب وأعادوا مراسلة ملك الروم فاستنجدوه وأغروه، وكان قد توسّط بلاد البلغار فعاد مجدّا في السير. وبعث لؤلؤ إلى منجوتكين بالخبر حذرا على المسلمين، وجاءته جواسيسه بذلك، فأجفل بعد أن خرّب ما كان اتخذه في الحصار من الأسواق والقصور والحمّامات. ووصل ملك الروم إلى حلب ولقي أبا الفضائل ولؤلؤا، ثم سار في الشام وافتتح حمص وشيزر ونهبهما، وحاصر طرابلس أربعين يوما فامتنعت عليه، وعاد إلى بلاده. وبلغ الخبر إلى العزيز فعظم عليه، واستنفر الناس للجهاد، وبرز من القاهرة ذلك سنة إحدى وثمانين، ثم انتقض منير في دمشق، فزحف إليه منجوتكين إلى دمشق.