للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا حرّ هنالك بل يكون فيه البرد حيث مجاري السّحاب وأنّ الشّمس في نفسها لا حارّة ولا باردة وإنّما هي جسم بسيط مضيء لا مزاج له [١] .

وكذلك عوج بن عناق هو فيما ذكروه من العمالقة أو من الكنعانيّين الّذين كانوا فريسة بني إسرائيل عند فتحهم الشّام وأطوال بني إسرائيل وجسمانهم لذلك العهد قريبة من هياكلنا يشهد لذلك أبواب بيت المقدس فإنّها وإن خرّبت وجدّدت لم تزل المحافظة على أشكالها ومقادير أبوابها وكيف يكون التّفاوت بين عوج وبين أهل عصره بهذا المقدار وإنّما مثار غلطهم في هذا أنّهم استعظموا آثار الأمم ولم يفهموا حال الدّول في الاجتماع والتّعاون وما يحصل بذلك وبالهندام من الآثار العظيمة فصرفوه إلى قوّة الأجسام وشدّتها بعظم هياكلها وليس الأمر كذلك. وقد زعم المسعوديّ ونقله عن الفلاسفة مزعما لا مستند له إلّا التّحكّم وهو أنّ الطّبيعة الّتي هي جبلة للأجسام لمّا برأ الله الخلق كانت في تمام الكرة [٢] ونهاية القوّة والكمال وكانت الأعمار أطول والأجسام أقوى لكمال تلك الطّبيعة فإنّ طروء الموت إنّما هو بانحلال القوى الطّبيعيّة فإذا كانت قويّة كانت الأعمار أزيد فكان العالم في أوّليّة نشأته تامّ الأعمار كامل الأجسام ثمّ لم يزل يتناقص لنقصان المادّة إلى أن بلغ إلى هذه الحال الّتي هو عليها ثمّ لا يزال يتناقص إلى وقت الانحلال وانقراض العالم وهذا رأي لا وجه له إلّا التّحكّم كما تراه وليس له علّة طبيعيّة ولا سبب برهانيّ ونحن نشاهد مساكن الأوّلين وأبوابهم وطرقهم فيما أحدثوه من البنيان والهياكل والدّيار والمساكن كديار ثمود المنحوتة في الصّلد من الصّخر بيوتا صغارا وأبوابها ضيّقة وقد أشار صلّى الله عليه وسلّم إلى أنّها ديارهم ونهى عن استعمال مياههم وطرح ما عجن به وأهرق


[١] ثبت للعلم الحديث أن الشمس جسم ملتهب، وأنها محتفظة بالتهابها وحرارتها.
[٢] في بعض النسخ المرّة: بمعنى القوة وقال تعالى في آيتي ٥ و ٦ من سورة النجم: «عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ٥٣: ٥- ٦»

<<  <  ج: ص:  >  >>