للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال «لا تدخلوا مساكن الّذين ظلموا أنفسهم إلّا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم» .

وكذلك أرض عاد ومصر والشّام وسائر بقاع الأرض شرقا وغربا والحقّ ما قرّرناه ومن آثار الدّول أيضا حالها في الأعراس والولائم كما ذكرناه في وليمة بوران وصنيع الحجّاج وابن ذي النّون وقد مرّ ذلك كلّه.

ومن آثارها أيضا عطايا الدّول وأنّها تكون على نسبتها ويظهر ذلك فيها ولو أشرفت على الهرم فإنّ الهمم الّتي لأهل الدّولة تكون على نسبة قوّة ملكهم وغلبهم للنّاس والهمم لا تزال مصاحبة لهم إلى انقراض الدّولة واعتبر ذلك بجوائز ابن ذي يزن لوفد قريش كيف أعطاهم من أرطال الذّهب والفضّة والأعبد والوصائف عشرا عشرا ومن كرش [١] العنبر واحدة وأضعف ذلك بعشرة أمثاله لعبد المطّلب وإنّما ملكه يومئذ قرارة اليمن خاصّة تحت استبداد فارس وإنّما حمله على ذلك همّة نفسه بما كان لقومه التّبابعة من الملك في الأرض والغلب على الأمم في العراقين والهند والمغرب وكان الصّنهاجيّون بإفريقيّة أيضا إذا أجازوا الوفد من أمراء زناتة الوافدين عليهم فإنّما يعطونهم المال أحمالا والكساء تخوتا مملوءة والحملان [٢] جنائب عديدة.

وفي تاريخ ابن الرّقيق من ذلك أخبار كثيرة وكذلك كان عطاء البرامكة وجوائزهم ونفقاتهم وكانوا إذا كسبوا معدما فإنّما هو الولاية والنّعمة آخر الدّهر لا العطاء الّذي يستنفده يوم أو بعض يوم وأخبارهم في ذلك كثيرة مسطورة وهي كلّها على نسبة الدّول جارية هذا جوهر الصّقلبيّ الكاتب قائد جيش العبيديّين لمّا ارتحل إلى فتح مصر استعدّ من القيروان بألف حمل من المال ولا تنتهي اليوم دولة إلى مثل هذا. وكذلك وجد بخطّ أحمد بن محمّد بن عبد الحميد عمل بما يحمل إلى بيت المال ببغداد أيّام المأمون من جميع النّواحي نقلته من جراب


[١] كرش: وعاء الطيب (قاموس) .
[٢] الحملان: ما يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة (قاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>