بأيديهم مالقة ووادي آش حتى استخلصها هذا السلطان الفقيه من بعد ذلك، كما نذكره في أخبار بني مرين مع بني الأحمر. وصار بنو أشقيلولة آخرا وقرابتهم بني الزرقاء إلى المغرب، ونزلوا على يعقوب بن عبد الحق وأكرم مثواهم وأقطعهم واستعملهم في كبير الخطط للدولة حسبما يذكر. واستبدّ السلطان الفقيه ابن الأحمر بملك ما بقي من الأندلس وأورثه عقبه من غير قبيل ولا كثير عصبة، ولا استكثار من الحامية إلا من يأخذه الجلاء من فحول زناتة وأعياص الملك فينزلون بهم غزي، ولهم عليهم عزّة وتغلّب وسبب ذلك ما قدّمناه في الكتاب الأوّل من إفقاد القبائل والعصائب بأرض الأندلس جملة فلا تحتاج الدولة هنالك إلى كبير عصبية، وكان للسلطان ابن الأحمر في أوّل أمره عصبية من قرابته بني نصر وأصهارهم بني أشقيلولة وبني المولى ومن تبعهم من الموالي والمصطنعين كانت كافية في الأمر من أوّله مع معاضدة الطاغية على ابن هود وثوّار الأندلس ومعاضدة ملك المغرب على الطاغية والاستظهار بالأعياص على ملك المغرب، فكان لهم بذلك كله اقتدار على بلوغ أمرهم وتمهيده، وربما يفهم في مدافعة الطاغية اجتماع الخاصّة والعامّة في عداوته، والرهب منه بما هو عدوّ للدين فتستوي القلوب في مدافعته ومخافته فينزل ذلك بعض الشيء منزلة العصبية. وكانت إجازة السلطان يعقوب بن عبد الحق إليه أربع مرات، وأجاز ابنه يوسف إليهم بعد أبيه. ثم شغلته الفتنة مع بني يغمر أسن إلى أن هلك السلطان الفقيه سنة إحدى وسبعمائة، وهو الّذي أعان الطاغية على منازلة طريف وأخذها، وكان يمير عسكره مدّة حصاره إياها إلى أن فتحها سنة [١] لما كانت ركابا لصاحب المغرب، متى همّ بالجواز لقرب مسافة الزقاق. فلما ملكها الطاغية صارت عينا على من يروم الجواز من الغزاة فغضب أمره عليهم، وولي من بعده ابنه محمد المخلوع، واستبدّ عليه وزيره محمد بن محمد بن الحكم اللخميّ، من مشيخة رندة ووزرائها فحجره واستولى على أمره، إلى أن ثار به أخوه أبو الجيّوش نصر بن محمد فقتل الوزير، واعتقل أخاه سنة ثمان وسبعمائة وكان أبوهما السلطان الفقيه استعمل على مالقة الرئيس أبا سعيد ابن عمه إسماعيل بن نصر، وطالت فيها إمارته، وهو الّذي تملّك سبتة وغدر بني الغرفي بها على عهد المخلوع
[١] كذا بياض بالأصل وفي نسخة اخرى سنة اربع وسبعمائة.