للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسماعيل أخيه ودبّر ملكه. ثم تردّدت السعايات ونذر الرئيس بالنكبة فغدر بإسماعيل، وقتله وإخوته جميعا سنة إحدى وستين. وقام بملك الأندلس ونبذ إلى الطاغية عهده ومنعه ما كان سلفه يعطونه من الجزية على بلاد المسلمين، فشمّر الطاغية لحربه، وجهّز العساكر إليه فأوقع المسلمون بهم بوادي آش وعليهم بعض الرؤساء من قرابة السلطان فعظمت النكاية. وأرسل ملك المغرب إلى الطاغية في شأن محمد المخلوع وردّه إلى ملكه، فأركب الأساطيل وأجازه إلى الطاغية فلقيه ووعده المظاهرة على أمره، وشرط له الاستئثار بما يفتح من حصون المسلمين. ثم نقض فيما افتتح منها ففارقه السلطان وأوى إلى الثغر المغربي في ملكة بني مرين، وأمكن من ثغور رندة، فزحف منها إلى مالقة سنة خمس وستين فافتتحها، وفرّ الرئيس محمد بن إسماعيل من غرناطة ولحق بالطاغية. وكان معه إدريس بن عثمان شيخ الغزاة بحبسه إلى أن فرّ من محبسه بعد حين، كما يذكر في أخبارهم. وزحف السلطان محمد فيمن معه وأتوه بحاجب الرئيس وقتله، واستلحم معه الرجال من الزعالقة الذين قتلوا الحاجب وتسوّروا قصور الملك. ودخل السلطان محمد غرناطة واستولى على ملكه، وقدّم على الغزاة شيخهم يحيى بن عمر، واختصّ ابنه عثمان، ثم نكبهما لسنة وحبسهما بالمطبق بالمرية، ثم غرّبهما بعد أعوام وقدّم على الغزاة قريبهما علي بن بدر الدين بن محمد بن رحو. ثم مات فقدّم مكانه عبد الرحمن بن أبي يفلوسن وترفّع على السلطان أبي علي ابن محمد ملك المغرب، وتملأ هذا السلطان محمد المخلوع أريكة ملكه بالحمراء ممتنعا بالظهور والترف والعزّة على الطاغية والجلالقة، وعلى ملوك المغرب بالعدوة بما نال دولتهم جميعا من الهرم الّذي يلحق الدول. وأمّا الجلالقة فانتقضوا على ملكهم بطرة ابن أدفونش سنة ثمان وستين من لدن مهلك أبيهما، ووقعت بين بطرة وبين ملك برشلونة بسبب إجارته عليه فتن وحروب حجر منها الجلالقة، وكانت سببا لانتقاضهم على بطرة واستدعائهم لأخيه ألفنش فجاء وبايعوه. وانحرفوا إليه جميعا عن بطرة، فتحيّز إلى ناحية بلاد المسلمين واستدعى هذا السلطان محمدا صاحب غرناطة لنصره من عدوّه، وأغزاه ببلاد ألفنش ففتح كثيرا من معاقلها وخرّبها مثل حيّان [١] وأبدّة وأثر وغيرها. وعاث في بسائطها ونزل قرطبة وخرّب نواحيها ورجع ظافرا غانما. ولحق


[١] هي جيّان وقد مرت معنا من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>