للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم والطّعن في نسبهم إلى إسماعيل الإمام ابن جعفر الصّادق يعتمدون في ذلك على أحاديث لفّقت للمستضعفين من خلفاء بني العبّاس تزلّفا إليهم بالقدح فيمن ناصبهم وتفنّنا في الشّمات بعدوّهم حسبما تذكر بعض هذه الأحاديث في أخبارهم ويغفلون عن التّفطّن لشواهد الواقعات وأدلّة الأحوال الّتي اقتضت خلاف ذلك من تكذيب دعواهم والرّدّ عليهم.

فإنّهم متّفقون في حديثهم عن مبدإ دولة الشّيعة أنّ أبا عبد الله المحتسب لمّا دعي بكتامة للرّضى من آل محمّد واشتهر خبره وعلم تحويمه على عبيد الله المهديّ وابنه أبي القاسم خشيا على أنفسهما فهربا من المشرق محلّ الخلافة واجتازا بمصر وأنّهما خرجا من الاسكندريّة في زيّ التّجّار ونمي خبرهما إلى عيسى النّوشريّ عامل مصر والاسكندريّة فسرّح في طلبهما الخيّالة حتّى إذا أدركا خفي حالهما على تابعهما بما لبّسوا به من الشّارة والزّيّ فأفلتوا إلى المغرب. وأنّ المعتضد أوعز إلى الأغالبة أمراء إفريقيا بالقيروان وبني مدرار أمراء سجلماسة بأخذ الآفاق عليهما وإذكاء العيون في طلبهما فعثر أليشع صاحب سجلماسة من آل مدرار على خفيّ مكانهما ببلده واعتقلهما مرضاة للخليفة.

هذا قبل أن تظهر الشّيعة على الأغالبة بالقيروان ثمّ كان بعد ذلك ما كان من ظهور دعوتهم بالمغرب وإفريقية ثمّ باليمن ثمّ بالإسكندريّة ثمّ بمصر والشّام والحجاز وقاسموا بني العبّاس في ممالك الإسلام شقّ الأبلمة [١] وكادوا يلجون عليهم مواطنهم ويزايلون من أمرهم ولقد أظهر دعوتهم ببغداد وعراقها الأمير البساسيريّ من موالي الدّيلم المتغلبين على خلفاء بني العبّاس في مغاضبة جرت بينه وبين أمراء العجم وخطب لهم على منابرها حولا كاملا وما زال بنو العبّاس يغصّون بمكانهم ودولتهم وملوك بني أميّة وراء البحر ينادون بالويل والحرب


[١] يقال: الأمر بيننا شق الأبلمة. والأبلمة هي الخوصة أي ورقة الدوم وهي شجرة تشبه النخلة.
وذلك لأنها تؤخذ فتشق طولا على السواء. والمعنى أنهم قاسموا بني العباس أعمالهم. وفي نسخة لجنة البيان العربيّ «شق الأبلة» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>