من الحرير فاعتقده وتناول المعالق فاهتزّت وذهب به صعدا إلى مجلس شأنه كذا ووصف من زينة فرشه وتنضيد أبنيته وجمال رؤيته ما يستوقف الطّرف ويملك النّفس وأنّ امرأة برزت له من خلل السّتور في ذلك المجلس رائقة الجمال فتّانة المحاسن فحيّته ودعته إلى المنادمة فلم يزل يعاقرها الخمر حتّى الصّباح ورجع إلى أصحابه بمكانهم من انتظاره وقد شغفته حبّا بعثه على الإصهار إلى أبيها وأين هذا كلّه من حال المأمون المعروفة في دينه وعلمه واقتفائه سنن الخلفاء الرّاشدين من آبائه وأخذه بسير الخلفاء الأربعة أركان الملّة ومناظرته العلماء وحفظه لحدود الله تعالى في صلواته وأحكامه فكيف تصحّ عنه أحوال الفسّاق المستهترين [١] في التّطواف باللّيل وطروق المنازل وغشيان السّمر سبيل عشّاق الأعراب وأين ذلك من منصب ابنة الحسن بن سهل وشرفها وما كان بدار أبيها من الصّون والعفاف وأمثال هذه الحكايات كثيرة وفي كتب المؤرّخين معروفة وإنّما يبعث على وضعها والحديث بها الانهماك في اللّذّات المحرّمة وهتك قناع المخدّرات ويتعلّلون بالتّأسّي بالقوم فيما يأتونه من طاعة لذّاتهم فلذلك تراهم كثيرا ما يلهجون بأشباه هذه الأخبار وينقّرون عنها عند تصفّحهم لأوراق الدّواوين ولو ائتسوا بهم في غير هذا من أحوالهم وصفات الكمال اللّائقة بهم المشهورة عنهم لكان خيرا لهم لو كانوا يعلمون. ولقد عذلت يوما بعض الأمراء من أبناء الملوك في كلفه بتعلّم الغناء وولوعه بالأوتار وقلت له ليس هذا من شأنك ولا يليق بمنصبك فقال لي أفلا ترى إلى إبراهيم بن المهديّ كيف كان إمام هذه الصّناعة ورئيس المغنّين في زمانه؟ فقلت له يا سبحان الله وهلّا تأسّيت بأبيه أو أخيه أو ما رأيت كيف قعد ذلك بإبراهيم عن مناصبهم فصمّ عن عذلي وأعرض وَالله يَهْدِي من يَشاءُ ٢: ٢١٣.
ومن الأخبار الواهية ما يذهب إليه الكثير من المؤرّخين والأثبات في العبيديين خلفاء الشّيعة بالقيروان والقاهرة من نفيهم عن أهل البيت صلوات الله
[١] المستهتر: لشيء بالفتح المولع به لا يبالي بما فعل فيه وشتم له والّذي كثرت أباطيله هـ- قاموس.