للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّي غفلت عن السّاقي فصيّرني ... كما تراني سليب العقل والدّين

وحال ابن أكثم والمأمون في ذلك من حال الرّشيد وشرابهم إنّما كان النّبيذ ولم يكن محظورا عندهم وأمّا السّكر فليس من شأنهم وصحابته للمأمون إنّما كانت خلّة في الدّين ولقد ثبت أنّه كان ينام معه في البيت ونقل في فضائل المأمون وحسن عشرته أنّه انتبه ذات ليلة عطشان فقام يتحسّس ويلتمس الإناء مخافة أن يوقظ يحيى بن أكثم وثبت أنّهما كانا يصلّيان الصّبح جميعا فأين هذا من المعاقرة وأيضا فإنّ يحيى بن أكثم كان من علية أهل الحديث وقد أثنى عليه الإمام أحمد بن حنبل وإسماعيل القاضي وخرّج عنه التّرمذيّ كتابه الجامع [١] وذكر المزنيّ الحافظ أنّ البخاريّ روى عنه في غير الجامع فالقدح فيه قدح في جميعهم وكذلك ما ينبزه [٢] المجّان بالميل إلى الغلمان بهتانا على الله وفرية على العلماء ويستندون في ذلك إلى أخبار القصّاص الواهية الّتي لعلّها من افتراء أعدائه فإنّه كان محسودا في كماله وخلّته للسّلطان وكان مقامه من العلم والدّين منزّها عن مثل ذلك وقد ذكر لابن حنبل ما يرميه به النّاس فقال سبحان الله سبحان الله ومن يقول هذا؟ وأنكر ذلك إنكارا شديدا وأثنى عليه إسماعيل القاضي فقيل له ما كان يقال فيه فقال معاذ الله أن تزول عدالة مثله بتكذيب باغ وحاسد وقال أيضا يحيى بن أكثم أبرأ إلى الله من أن يكون فيه شيء ممّا كان يرمى به من أمر الغلمان ولقد كنت أقف على سرائره فأجده شديد الخوف من الله لكنّه كانت فيه دعابة وحسن خلق فرمى بما رمى به ابن حيّان في الثّقات وقال لا يشتغل بما يحكى عنه لأنّ أكثرها لا يصحّ عنه ومن أمثال هذه الحكايات ما نقله ابن عبد ربّه صاحب العقد من حديث الزّنبيل في سبب إصهار المأمون إلى الحسن بن سهل في بنته بوران وأنّه عثر في بعض اللّيالي في تطوافه بسكك بغداد في زنبيل [٣] مدلّى من بعض السّطوح بمعالق وجدل مغارة الفتل


[١] كذا بالأصل في جميع النسخ، والتصويب: وخرّج عنه الترمذي في كتابه الجامع.
[٢] الأصح، ما ينبزه به المجان. وفي بعض النسخ (ما يثبجه المجان) .
[٣] كذا بالأصل في جميع النسخ ولعلها عثر على زنبيل، أو بمعنى زلّ: أي لم ينتبه للزنبيل فوقع فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>