للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعته أذناي من قائله المعتدي عليهم القادح في نسبهم بفريته وينقله بزعمه عن بعض مؤرّخي المغرب ممّن انحرف عن أهل البيت وارتاب في الإيمان بسلفهم وإلّا فالمحلّ منزّه عن ذلك معصوم منه ونفي العيب حيث يستحيل العيب عيب لكنّي جادلت عنهم في الحياة الدّنيا وأرجو أن يجادلوا عنّي يوم القيامة ولتعلم أنّ أكثر الطّاعنين في نسبهم إنّما هم الحسدة لأعقاب إدريس هذا من منتم إلى أهل البيت أو دخيل فيهم فإنّ ادّعاء هذا النّسب الكريم دعوى شرف عريضة على الأمم والأجيال من أهل الافاق فتعرض التّهمة فيه.

ولمّا كان نسب بني إدريس هؤلاء بمواطنهم من فارس وسائر ديار المغرب قد بلغ من الشّهرة والوضوح مبلغا لا يكاد يلحق ولا يطمع أحد في دركه إذ هو نقل الأمّة والجيل من الخلف عن الأمّة والجيل من السّلف وبيت جدّهم إدريس مختطّ فاس ومؤسّسها من بيوتهم ومسجده لصق محلّتهم ودروبهم وسيفه منتضى برأس المئذنة العظمى من قرار بلدهم وغير ذلك من آثاره الّتي جاوزت أخبارها حدود التّواتر مرّات وكادت تلحق بالعيان فإذا نظر غيرهم من أهل هذا النّسب إلى ما أتاهم الله من أمثالها وما عضد شرفهم النّبويّ من جلال الملك الّذي كان لسلفهم بالمغرب واستيقن أنّه بمعزل عن ذلك وأنّه لا يبلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه [١] وأنّ غاية أمر المنتمين إلى البيت الكريم ممّن لم يحصل له أمثال هذه الشّواهد أن يسلّم لهم حالهم لأنّ النّاس مصدّقون في أنسابهم وبون ما بين العلم والظّنّ واليقين والتّسليم فإذا علم بذلك من نفسه غصّ بريقه وودّ كثير منهم لو يردّونهم عن شرفهم ذلك سوقة ووضعاء [٢] حسدا من عند أنفسهم فيرجعون إلى العناد وارتكاب اللّجاج والبهت بمثل هذا الطّعن الفائل والقول المكذوب تعلّلا بالمساواة في الظنّة والمشابهة في تطرّق الاحتمال وهيهات لهم ذلك فليس في


[١] قوله: «لا يبلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه» مثل يكنى به عن ضعة مكانة شخص بالنسبة لشخص آخر.
[٢] قوله: ووضعاء بضم الواو جمع وضيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>