فأكرمهم وخلع عليهم وأنزل فضل بن ربيعة بدار صدقة بن مزيد ببغداد حتى إذا سار السلطان لقتال صدقة استأذنه في الخروج إلى البرية ليأخذ بحجزة صدقة فأذن له وعبر إلى الأنبار ولم يرجع للسلطان بعدها انتهى كلام ابن الأثير ويظهر من كلامه وكلام المسيحي أنّ فضلا هذا وبدرا من آل جراح من غير شك ويظهر من سياقة هؤلاء نسبهم أنّ فضلا هذا هو جدهم لأنهم ينسبونه فضل بن علي بن مفرج وهو عند الآخرين فضل بن علي بن جراح فلعل هؤلاء نسبوا ربيعة إلى مفرج الّذي هو كبير بني الجراح لطول العهد وقلة المحافظة على مثل هذا من البادية الغفل وأما نسبة هذا الحي في طيِّئ فبعضهم يقول أن الرئاسة في طيِّئ كانت لأياس بن قبيصة من بني سنبس بن عمرو بن الغوث بن طيِّئ وإياس هو الّذي ملكه كسرى على الحيرة بعد آل المنذر عند ما قتل النعمان بن المنذر وهو الّذي صالح خالد بن الوليد على الحيرة ولم تزل الرئاسة على طيِّئ في بني قبيصة هؤلاء صدرا من دولة الإسلام فلعل آل فضل هؤلاء وآل الجراح من أعقابهم وإن كان انقرض أعقابهم فهم من أقرب الحي إليه لأنّ الرئاسة في الأحياء والشعوب إنما تتصل في أهل العصبية والنسب كما مرّ أوّل الكتاب وقال ابن حزم عند ما ذكر أنساب طيِّئ أنهم لما خرجوا من اليمن نزلوا أجا وسلمى وأوطنوهما وما بينهما ونزل بنو أسد ما بينهما وبين العراق وفضل كثير منهم وهم بنو خارجة بن سعد بن عبادة من طيِّئ ويقال هم جديلة نسبة إلى أمّهم بنت تيم الله وحبيش والأسعد إخوتهم رحلوا عن الجبلين في حرب الفساد فلحقوا بحلب وحاضر طيِّئ وأوطنوا تلك البلاد إلا بني رمان ابن جندب بن خارجة بن سعد فإنّهم أقاموا بالجبلين فكان يقال لأهل الجبلين الجبليون ولأهل حلب وحاضر طيِّئ من بني خارجة السهليون انتهى فلعل هذه أحياء الذين بالشام من بني الجراح وآل فضل من بني خارجة هؤلاء الذين ذكر ابن حزم أنهم انتقلوا إلى حلب وحاضر طيِّئ لأنّ هذا الموطن أقرب إلى مواطنهم لهذا العهد من مواطن بني الجراح بفلسطين من جبل أجا وسلمى الذين هما موطن الآخرين والله أعلم أيّ ذلك يصح من أنسابهم ولنرجع الآن إلى سرد الخبر عن رياسة آل فضل أهل هذا البيت منذ دولة بني أيوب فنقول كان الأمير منهم لعهد بني أيوب عيسى بن محمد بن ربيعة أيام العادل كما قلناه ونقلناه عن العماد الأصبهاني الكاتب ثم كان بعده حسام الدين مانع بن خدينة بن غصينة بن فضل وتوفي سنة ثلاثين وستمائة وولي عليهم بعده ابنه مهنا ولما ارتجع قطز ثالث ملوك الترك بمصر وملك الشام من يد التتر وهزم عسكرهم بعين جالوت أقطع سلميّة لمهنا بن مانع وانتزعها من عمل المنصور بن المظفر بن شاهنشاه صاحب حماة ولم أقف على تاريخ وفاة مهنا ثم ولي