للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي الجرجاني [١] ويستميله يعرّض ببني عبيد وشيعتهم. وكان الجرجاني يلقب بالأقطع بما كان أقطعه الحاكم بجناية ظهرت عليه في الأعمال، وانتهضته السيدة بنت الملك [٢] عمة المنتصر.

فلما ماتت استبدّ بالدولة سنة أربع عشرة وأربعمائة إلى أن هلك سنة ست وثلاثين وأربعمائة وولي الوزارة بعده أبو محمد الحسن بن علي الياروزي [٣] أصله من قرى فلسطين، وكان أبوه ملاحا بها. فلما ولي الوزارة خاطبه أهل الجهات، ولم يولوه فأنف من ذلك، فعظم عليه وحنق عليه ثمال بن صالح صاحب حلب والمعز بن باديس صاحب إفريقية، وانحرفوا عنه وحلف المعز لينقضن طاعتهم وليحوّلن الدعوة إلى بني عباس، ويمحون اسم بني عبيد من منابره، ولج في ذلك وقطع أسماءهم من الطراز والرايات، وبايع القائم أبا جعفر بن القادر من خلفاء بني العباس، وخاطبه ودعا له على منابره سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وبعث بالبيعة إلى بغداد.

ووصله أبو الفضل البغدادي وحظي من الخليفة بالتقليد والخلع، وقرئ كتابه بجامع القيروان ونشرت الرايات السود وهدمت دار الإسماعيلية. وبلغ الخبر إلى المستنصر معز الخليفة بالقاهرة، وإلى الشيعة الرافضة من كتامة وصنائع الدولة فوجموا، وطلع عليهم المقيم المقعد من ذلك، وارتبكوا في أمرهم. وكان أحياء هلال هؤلاء الأحياء من جشم والأثير [٤] وزغبة ورياح وربيعة وعدي في محلاتهم بالصعيد كما قدمناه.

وقد عمّ ضررهم وأحرق البلاد والدولة شررهم، فأشار الوزير أبو محمد الحسن بن علي الياروزي باصطناعهم والتقدم لمشايخهم [٥] وتوليتهم أعمال إفريقية وتقليدهم أمرها ودفعهم إلى حرب صنهاجة ليكونوا عند نصر الشيعة. والسبب في الدفاع عن الدولة فإن صدقت المخيلة في ظفرهم بالمعز وصنهاجة، كانوا أولياء للدعوة وعمالا بتلك القاصية. وارتفع عدوانهم من ساحة الخلافة، وإن كانت الأخرى فلها ما بعدها. وأمر العرب البادية أسهل من أمر صنهاجة الملوك، فتغلبوا على هدية


[١] وفي النسخة التونسية: الجرجرائي وكذلك عند ابن الأثير ج ٩ ص ٤٤٧) .
[٢] وفي النسخة التونسية: وانهضته السيدة ست الملك.
[٣] وفي نسخة ثانية: البازوري وهو الأصح كذا في قبائل المغرب ١٦٧) .
[٤] وفي نسخة ثانية الأثبج وهو الصحيح.
[٥] وفي النسخة التونسية: واستقدام مشايخهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>