للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثورانه [١] . وقيل إن الّذي أشار بذلك وفعله وأدخل العرب إلى إفريقية إنما هو أبو القاسم الجرجاني، وليس ذلك بصحيح، فبعث المستنصر وزيره على هؤلاء الأحياء سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وأرضخ لأمرائهم في العطاء ووصل عامتهم بعيرا ودينارا لكل واحد منهم، وأباح لهم إجازة النيل. وقال لهم: قد أعطيتكم المغرب، وملك المعز بن بلكين [٢] الصنهاجي العبد الآبق فلا تفتقرون وكتب الياروزي إلى المغرب: أما بعد فقد أنفذنا إليكم خيولا فحولا، وأرسلنا عليها رجالا كهولا [٣] ليقضي الله أمرا كان مفعولا. فطمعت العرب إذ ذاك، وأجازوا النيل إلى برقة، ونزلوا بها وافتتحوا أمصارها واستباحوها، وكتبوا لإخوانهم شرقيّ النيل يرغبونهم. في البلاد، فأجازوا إليهم بعد أن أعطوا لكل رأس دينارين [٤] فأخذ منهم أضعاف ما أخذوه، وتقارعوا على البلاد فحصل لسليم الشرق، ولهلال الغرب، وخربوا المدينة الحمراء وأجدابية وأسمرا وسرت.

وأقامت لهب [٥] من سليم وأحلافها رواحة وناصرة وغمرة بأرض برقة. وسارت قبائل دياب وعوف وزغب وجميع بطون هلال إلى إفريقية كالجراد المنتشر، لا يمرون بشيء إلا أتوا عليه، حتى وصلوا إلى إفريقية سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وكان أول من وصل إليهم أمير رياح موسى [٦] بن يحيى الصنبري فاستماله المعز واستدعاه واستخلصه لنفسه وأصهر إليه. وفاوضه في استدعاء العرب من قاصية وطنه للاستغلاظ على نواحي بني عمه. فاستنفر القرى وأتى عليهم فاستدعاهم فعاثوا في البلاد وأظهروا الفساد في الأرض، ونادوا بشعار الخليفة المستنصر. وسرّح إليهم من صنهاجة الأولياء فاوقعوا بها فتمخط [٧] ، المعز لكبره وأشاط بغضبه، وتقبض على أخي موسى وعسكر بظاهر القيروان. وبعث بالصريخ إلى ابن عمه صاحب القلعة القائد بن حامد [٨] بن بلكين، فكتب إليه كتيبة من ألف فارس سرّحهم إليه،


[١] وفي النسخة التونسية: فتقبلوا رأيه وشكوا هدايته.
[٢] وفي النسخة التونسية: بن باديس.
[٣] بمعنى كهولا بالحرب لهم خبرة في القتال.
[٤] وفي النسخة التونسية: بعد أن أعطوا دينارا عن كل رأس.
[٥] وفي نسخة ثانية: هيب.
[٦] وفي نسخة ثانية: مؤنس بن يحيى الصنبري وكذلك في قبائل المغرب ص ٤٢١.
[٧] وفي النسخة التونسية: فتخمّط.
[٨] وفي النسخة التونسية: حماد.

<<  <  ج: ص:  >  >>