للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستفرزوا عن [١] زناتة فوصل إليه المستنصر بن حزور المغراوي في ألف فارس من قومه.

وكان بالبدو من إفريقية مع الناجعة من زناتة، وهو من أعظم ساداتهم. وارتحل المعزّ في أولئك النفر ومن لفّ لفّهم من الأتباع والحشم والأولياء ومن في إيالتهم من بقايا عرب الفتح، وحشد زناتة والبربر وصمد نحوهم في أمم لا تحصى يناهز عددهم فيما يذكر ثلاثون ألفا. وكانت رياح وزغبة وعدي حيدران من جهة فاس [٢] . ولما تزاحف الفريقان انخذل بقية عرب الفتح وتحيّزوا إلى الهلاليين للعصبية القديمة، وخانته زناتة وصنهاجة، وكانت الهزيمة على المعز، وفرّ بنفسه وخاصته إلى القيروان.

وانتهبت العرب جميع مخلفه من المال والمتاع والذخيرة والفساطيط والرايات، وقتلوا فيها من البشر ما لا يحصى. يقال إن القتلى من صنهاجة بلغوا ثلاثة آلاف وثلاثمائة.

وفي ذلك يقول علي بن رزق الرياحي كلمته. ويقال إنها لابن شداد وأوّلها:

لقد زار وهنا من أميم خيال ... وأيدي المطايا بالزميل عجال

وأن ابن باديس لأفضل مالك ... لعمري، ولكن ما لديه رجال

ثلاثون ألفا منهم قد هزمتهم ... ثلاثة آلاف وذاك ضلال

ثم نازلوه بالقيروان وطال عليه أمر الحصار، وهلكت الضواحي والقرى بإفساد العرب وعيثهم، وانتقام السلطان منهم بانتمائهم في ولاية العرب. ولجأ الناس إلى القيروان وأكثروا النهب واشتدّ الحصار، وفرّ أهل القيروان إلى تونس وسوسه، وعمّ النهب في البلاد والعيث في البلاد [٣] ودخلت تلك الأرض [٤] سنة خمس وأربعين، وأحاطت زغبة ورياح بالقيروان. ونزل موسى قريبا من ساحة البلد. وفرّ القرابة والأعياص من آل زير فولاهم موسى قابس وغيرها. ثم ملكوا بلاد قسطينة [٥] كلها وغزا عامل بن أبي الغيث منهم زناتة ومغراوة فاستباحهم ورجع.

واقتسمت العرب بلاد إفريقية سنة ست وأربعين، وكان لزغبة طرابلس وما يليها،


[١] وفي نسخة ثانية واستنفروا زناتة.
[٢] وفي النسخة التونسية: وعدي بقبلي حيدران من جهة قابس.
[٣] وعم النهب والعيث بلاد إفريقية. كذا في النسخة التونسية.
[٤] وفي النسخة التونسية: ودخلت بلد الاربض وأبة.
[٥] وفي النسخة التونسية: قسطيلية، وغزا عابد بن أبي الغيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>