العهد علي بن أحمد بن عمر بن محمد قد قام برياسة أولاد محمد، وسليمان بن علي بن سباع قد قام برياسة أولاد يحيى، واقتسموا رياسة الزواودة فظاهروا ابن مزني على مدافعة سعادة وأصحابه المرابطين من إخوانهم، وكان أمر ابن مزني والزاب يومئذ راجعا إلى صاحب بجاية من بني أبي حفص، وهو الأمير خالد ابن الأمير أبي زكريا، والقائم بدولته أبو عبد الرحمن بن عمر، وبعث إليه ابن مزني في المدد فأمده بالعساكر والجيوش، وأوعز إلى أهل طولقة بالقبض على سعادة فخرج منها، وابتنى بأنحائها زاوية، ونزل بها هو وأصحابه. ثم جمع أصحابه المرابطين وكان يسميهم السنية وزحفوا إلى بسكرة وحاصروا ابن مزني سنة ثلاث وسبعمائة وقطعوا نخيلها، وامتنعت عليهم فرحلوا عنها. ثم أعادوا حصارها سنة أربع وسبعمائة، وامتنعت. ثم انحدر أصحاب سعادة من الزواودة إلى مشاتيهم سنة خمس وسبعمائة، وأقام المرابط سعادة بزاويته من زاب طولقة، وجمع من كان إليه من المرابطين المتخلفين عن الناجعة، وغزا مليلي وحاصرها أياما، وبعثوا بالصريخ إلى ابن مزني والعسكر السلطاني مقيم عندهم ببسكرة، فأركبهم ليلا مع أولاد حرب من الزواودة. وأصبحوا سعادة وأصحابه على مليلي فكانت بينهم جولة قتل فيها سعادة واستلحم الكثير من أصحابه وحمل رأسه إلى ابن مزني.
وبلغ الخبر إلى أصحابه بمشاتيهم فظهروا إلى الزاب، ورؤساؤهم أبو يحيى بن أحمد ابن عمر شيخ أولاد محرز، وعطية بن سليمان شيخ أولاد سبّاع وعيسى بن يحيى شيخ أولاد عساكر، ومحمد بن حسن شيخ أولاد عطية، ورياستهم جميعا راجعة لأبي يحيى بن أحمد. ونازلوا بسكرة وقطعوا نخيلها وتقبضوا على عمال ابن مزني فأحرقوهم في النار، واتسع الخرق بينهم وبينه. ونادى ابن مزني في أوليائه من الزواودة، واجتمع إليه علي بن أحمد شيخ أولاد محمد، وسليمان بن علي شيخ أولاد سباع وهما يومئذ أجلاء الزواودة. وخرج ابنه علي بينهم بعساكر السلطان، وتزاحفوا بالصحراء سنة ثلاث عشرة وسبعمائة فغلبهم المرابطون، وقتل علي بن مزني. وتقبض على عليّ بن أحمد فقادوه أسيرا، ثم أطلقه عيسى بن أحمد رعيا لأخيه أبي يحيى بن أحمد.
واستفحل أمر هؤلاء السنية ما شاء الله أن يستفحل. ثم هلك أبو يحيى بن أحمد وعيسى بن يحيى، وخلت أحياء أولاد محرز من هؤلاء السنية، وتفاوض السنية فيمن