الطويل أمر الخلافة. ولي سبعا ببجاية وثلاثين بعد استيلائه على الحضرة وسائر بلاد إفريقية، فاستخلصه السلطان لدولته ونابذه حمزة فأجلب عليه بالقرابة واحدا بعد واحد كما نذكره، وداهن أخوه مولاهم في مناصحة السلطان ومالأ حمزة على شأنه، وربما نمي عنه الغدر فتقبض عليه السلطان وعلى ابنه منصور وعلي ربيبه زغدان ومغران بن محمد بن أبي الليل. وكان الساعي بهم إلى السلطان ابن عمهم عون بن عبد الله بن أحمد، وأحمد بن عبد الواحد أبو عبيد، وأبو هلال بن محمود بن فائد، وناجي بن أبي علي بن كثير ومحمد بن مسكين وأبو زيد بن عمر بن يعقوب، ومن هوارة فيصل بن زعزاع فقتلوا لحينهم سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وبعث أشلاؤهم إلى حمزة فاشتدّ حنقه، ولحق صريخا بأبي تاشفين صاحب تلمسان لعهده من آل يغمراسن، ومعه محمد ابن السلطان اللحياني المعروف بأبي ضربة قد نصبه للملك. وأمدهم أبو تاشفين بعساكر زناتة، وزحفوا إلى إفريقية فخرج إليهم السلطان وهزمهم برغيش. ولم يزل حمزة من بعدها مجلبا على السلطان أبي يحيى بالمرشحين من أعياص البيت الحفصي، وأبو تاشفين صاحب تلمسان يمدّهم بعساكره. وتكررت بينهم الوقائع والأيام سجالا كما نذكره في مواضعه، حتى إذا استولى السلطان أبو الحسن وقومه من بني مرين على تلمسان والغرب الأوسط سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، واستتبعوا بني عبد الواد وسائر زناتة أقصي حمزة عن فتنته وانقطع حبلها في يده، ولحق بالسلطان أبي الحسن مستشفعا به، فتقبل السلطان أبو يحيى شفاعته وعفا له عن جرائمه وأحله محل الأصفاء والخلوص. فشمر عن نصحه واجتهاده وظاهر قائده محمد بن الحكيم على تدويخ إفريقية، وظهر البدو من الأعراب فاستقام أمر الدولة وتؤثر مهادها. وهلك حمزة سنة أربعين وسبعمائة بيد أبي عون نصر ابن أبي علي عبد السلام من ولد كثير بن زيد المتقدم الذكر في بني علي من بطون بني كعب، طعنه في بعض الحروب فأشواه، وكان فيها مهلكه. وقام بأمرهم من بعده ابنه عمر بمظاهرة شقيقه قتيبة. ولكن أبا الليل تغلب على سائر الإخوة والقرابة، واستبد برياسة بني كعب وسائر بني يحيى، وأقتاله بنو مهلهل ينافسونه ويرتقبون الإدالة منه. وكان مساهمه في أمره معن بن مطاعن من فزارة وزير أبيه. وخرجوا على السلطان بعد مهلك حمزة أبيهم واتهموا أن قتل أبي عون إياهم إنما كان بممالأة الدولة فنازلوا تونس، وجمعوا لمحاصرتها أولاد مهلهل أمثالهم. ثم اختلفوا ورحلوا عن البلد