هكذا زعم التجاني في العمور هؤلاء. وفي هلال بن عامر بطن العمور كما ذكرناه.
وهم يزعمون أن عمور ذباب هؤلاء منهم، وأنهم إنما جمعهم مع ذباب الموطن خاصة وليسوا من سليم والله أعلم بحقيقة ذلك.
وكان من أولاد وشاح بنو حريز بن تميم بن عمر بن وشاح كان منهم فائد بن حريز من فرسان العرب المشاهير وله شعر متداول بينهم لهذا العهد سمر الحيّ وفكاهة المجالس، ويقال إنه من المحاميد، فائد بن حريز بن حربي بن محمود بن طوب. وكان بنو ذباب هؤلاء شيعة لقراقش الغزي وابن غانية، ولهما فيه أثر. وقتل قراقش مشيخة الجواري في بعض أيامه. ثم صاروا بعد مهلك ابن غانية إلى خدمة الأمير أبي زكريا وأهل بيته من بعده، وهم الذين أقاموا أمر الداعي بن أبي عمارة وعليهم كان تلبسه لأن يصير أميرا بدل المخلوع، وكان فرّ إليهم بعد مهلك مولاه وبنيه، ونزل عليهم حتى إذا مرّ بهم ابن أبي عمارة فعرّفه الخبر، فاتفقوا على التلبيس وزينوا ذلك لهؤلاء العرب فقبلوه. وتولى كبر ذلك مرغم بن صابر وتبعه قومه، وداخلهم في الأمر أبو مروان عبد الملك بن مكي رئيس قابس، فكان من قدر الله ما كان من تمام أمره وتلويث كرسي الخلافة بدمه حسبما يذكر في أخبار الدولة الحفصية.
وكان السلطان أبو حفص يعتمد عليهم فغلبهم في دعوة عمارة، فخالفوا عليه، وسرّح لحربهم قائده أبا عبد الله الفزاري، واستصرخوا بالأمير أبي زكريا ابن أخيه، وهو يومئذ صاحب بجاية والثغر الغربي من إفريقية. ووفد عليه منهم عبد الملك بن رحاب ابن محمود فنهض لصريخه سنة سبع وثمانين وستمائة، وحاربوا أهل قابس وهزموهم وأثخنوا فيهم. ثم غلبهم الفزاري ومانعهم عن وطن إفريقية. ورجع الأمير أبو زكريا إلى ثغره. وكان مرغم بن صابر بن عسكر شيخ الجواري قد أسره أهل صقلّيّة من سواحل طرابلس سنة اثنتين وثمانين وستمائة وباعوه لأهل برشلونة، فاشتراه ملكهم وبقي أسيرا عندهم إلى أن زعم إليه عثمان بن إدريس الملقب بأبي دبوس بقية الخلفاء من بني عبد المؤمن، وأراد الإجازة إلى إفريقية لطلب حقه في الدعوة الموحدية، فعقد ملك برشلونة بينه وبين مرغم حلفا وبعثهما، ونزل بساحل طرابلس.
وأقام مرغم الدعوة لأبي دبوس وحمل عليها قومه، وحاصر طرابلس سنة ثمان وثمانين وستمائة أياما ثم تركوا عسكرا لحصارها، وارتحلوا لجباية الوطن فاستفرغوه، وكان ذلك غاية أمرهم، وبقي أبو دبوس يتقلب في أوطانهم مدة، واستدعاه الكعوب