لأول المائة الثامنة وأجلبوا به على تونس أيام السلطان أبي عصيدة من الحفصيين وحاصروها أياما فلم يظفروا. ورجع إلى نواحي طرابلس وقام بها مدة. ثم ارتحل إلى مصر وأقام بها إلى أن هلك كما يأتي ذكره في خبر ابنه مع السلطان أبي الحسن بالقيروان. ولم يزل هذا شأن الجواري والمحاميد إلى أن تقلص ظل الدولة عن أوطان قابس وطرابلس فاستبد برياسة ضواحيها. واستعبدوا سائر الرعاية المعتمرة في جبالها وبسائطها، واستبد أهل الأمصار برياسة أمصارهم بنو مكي بقابس وبنو ثابت بطرابلس على ما يذكر في أخبارهم.
وانقسمت رياسة أولاد وشاح بانقسام المصرين، فتولى الجواري طرابلس وضواحيها، وزنزور وغريان ومغر، وتولى المحاميد بلد قابس وبلاد نفوسة وحرب.
وفي ذباب هؤلاء بطون أخرى ناجعة في القفر، ومواطنهم منزاحة إلى جانب الشرق عن مواطن هؤلاء الوشاحين. فمنهم آل سليمان بن هبيب بن رابع بن ذباب، ومواطنهم قبلة مغر، وغريان ورياستهم في ولد نصر بن زائد بن سليمان، وهي لهذا العهد لهائل بن حماد بن نصر، وبينه وبين البطن الآخر إلى سالم بن وهب أخي سليمان. ومواطنهم بلد مسراتة إلى لبدة ومسلاتة. وشعوب آل سالم هؤلاء الأحامد والعمائم والعلاونة وأولاد مرزوق، ورياستهم في أولاد ولد مرزوق، وهو ابن معلّى بن معراق بن قلينة بن قماص بن سالم [١] وكانت في أوّل هذه المائة الثامنة لغلبون بن مرزوق، واستقرّت في بنيه، وهي اليوم لحميد بن سنان بن عثمان بن غلبون.
والعلاونة منهم مجاورون للعنة من عرب برقة والمشابنة من هوارة المقيمين.
وتجاذب ذباب هؤلاء في مواطنهم من جهة القبلة ناصرة، وهم من بطون ناصرة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهتة بن سليم، فإن كان زعب أبو ذباب لملك بن خفاف كما زعم التجاني فهم إخوة ناصرة، ويبعد أن يسمى قوم باسم إخوانهم، وإن كانوا الناصرة كما زعم ابن الكلبي وهو أقرب، فيكون هؤلاء اختصوا باسم ناصرة دون ذباب وغيرهم من بنيه. وهذا كثير من بطون القبائل والله أعلم. ومواطنهم بلاد فزان وودان. هذه أخبار ذباب هؤلاء.
وأما العزة جيرانهم في الشرق الذين قدّمنا ذكرهم فيهم موطنون من أرض برقة خلاء
[١] وفي نسخة ثانية: ابن معلّى بن معراني بن قلينه بن قاص بن سالم.