للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاستيلاء الخراب على أمصارها وقرارها من دولة صنهاجة، تمرنت بمرانها [١] بادية العرب وناجعتهم، فتحيّفوها غارة ونهبا إلى أن فسدت فيها مذاهب المعاش، وانتقض العمران، فخربت وصار معاش الأكثر من هؤلاء العرب الموطنين بها لهذا العهد من الفلح يثيرون له الأرض بالعوامل من الجمال والحمير، وبالنساء إذا ضاق كسبهم عن العوامل وارتكبوا ضرورة المعاش.

وينجعون إلى بلاد النخل في جهة القبلة منهم من أوجلة وشنترية والواحات وما وراء ذلك من الرمال والقفر إلى بلد السودان المجاورين لهم، وتسمّى بلادهم برنق، وشيخ هؤلاء العرب ببرقة يعرف لهذا العهد بأبي ذئب من بني جعفر. وركاب الحج من المغرب يحمدون مساطتهم في مرّهم وحسن نيتهم في التجافي عن جامع بيت الله، وارفادهم بجلب الأقوات لسربهم وحسن الظن بهم. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، وأما نسبهم فما أدري فيمن هو من العرب؟ وحدّثني الثقة من ذباب عن خريص ابن شيخهم أبي ذباب أنهم من بقايا الكعوب ببرقة. وتزعم نسابة الهلاليين أنهم لربيعة ابن عامر إخوة هلال بن عامر. وقد مرّ الكلام في ذلك في أول ذكر بني سليم، ويزعم بعض النسابة أنهم والكعوب من العزة، وأن العزة من هيث، وأن رياسة العزة لأولاد أحمد وشيخهم أبو ذئب وان المسانية [٢] جيرانهم من هوارة. وذكر لي سلام بن التركية شيخ أولاد مقدم جيرتهم بالعقبة أنهم من بطون مسراتة من بقية هوارة، وهو الّذي رأيت النسابة المحققين عليه بعد أن دخلت مصر ولقيت كثيرا من المترددين إليها من أهل برقة. وهذه آخر الطبقة الرابعة من العرب، وبانقضائه انقضى الكتاب الثاني في العرب وأجيالهم منذ بدء الخليقة، فلنرجع إلى أحوال البربر في الكتاب الثالث والله ولي العون أهـ.


[١] وفي نسخة ثانية: تمرست بعمرانها.
[٢] وفي نسخة ثانية: المثانية، وفي النسخة التونسية المثاينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>