الحصون والآطام والأمصار من سجلماسة وقصور توات، وتجورارين وفيجيج ومصاب وواركل وبلاد ريغة والزاب ونفزاوة والحمة وغذامس، ثم ما كان لهم من الأيام والوقائع والدول والممالك. ثم ما كان بينهم وبين طوالع العرب من بني هلال في المائة الخامسة بإفريقية. وما كان لهم مع دولة آل حماد بالقلعة ومع لمتونة بتلمسان وتاهرت من الموالاة والانحراف. وما استولى عليه بنو يادين آخرا باسهام الموحدين وأقطاعهم من بلاد المغرب، وما كان لبني مرين في الاجلاب على عير عبد المؤمن من الآثار، وما تشهد أخباره كلها بأنه جيل عزيز على الأيام وأنهم قوم مرهوب جانبهم شديد بأسهم كثير جمعهم، مظاهرون [١] لأمم العالم وأجياله من العرب والفرس ويونان والروم.
ولكنهم لما أصابهم الفناء وتلاشت عصابتهم بما حصل لهم من ترف الملك والدول التي تكررت فيهم، قلت جموعهم وفنيت عصابتهم وعشائرهم وأصبحوا خولا للدول وعبيدا للجباية. واستنكف كثير من الناس عن النسب فيهم لأجل ذلك، والا فقد كانت أوربة أميرهم كسيلة عند الفتح كما سمعت، وزناتة أيضا حتى أسر أميرهم وزمار بن مولات، وحمل إلى المدينة إلى عثمان بن عفان. ومن بعد ذلك هوارة وصنهاجة وبعدهم كتامة وما أقاموا من الدولة التي ملكوا بها المغرب والمشرق، وزاحموا بني العباس في ديارهم وغير ذلك منهم كثير. وأما تخلقهم بالفضائل الإنسانية وتنافسهم في الخلال الحميدة، وما جبلوا عليه من الخلق الكريم مرقاة الشرف والرفعة بين الأمم ومراعاة المدح والثناء من الخلق من عز الجوار وحماية النزيل، ورعي الأذمة والوسائل والوفاء بالقول والعهد والصبر على المكارم والثبات في الشدائد وحسن الملكة والإغضاء عن العيوب والتجافي عن الانتقام ورحمة المسكين وبر الكبير وتوقير أهل العلم وحمل الكل وكسب المعدوم. وقرى الضيف والإعانة على النوائب وعلو الهمة وإباية الضيم ومشاقة الدول ومقارعة الخطوب وغلاب الملك وبيع النفوس من الله في نصر دينه، فلهم في ذلك آثار نقلها الخلف عن السلف لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون إسوة لمتبعيه من الأمم، وحسبك ما اكتسبوه من حميدها، واتصفوا به من شريفها أن قادتهم إلى مراقي العز، وأوفت بهم على ثنايا