للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نواحيه من بقايا الأديان والملل، فكان البربر بإفريقية والمغرب قبل الإسلام تحت ملك الفرنج، وعلى دين النصرانية الّذي اجتمعوا عليه مع الروم كما ذكرناه حتى إذا كان الفتح وزحف المسلمون إلى إفريقية زمان عمر رضي الله عنه سنة تسع وعشرين، وغلبهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح من بني عامر بن لؤيّ، فجمع لهم جرير [١] ملك الفرنجة يومئذ بإفريقية من كان بأمصارها من الفرنج والروم، ومن بضواحيها من جموع البربر وملوكهم.

وكان ملك ما بين طرابلس وطنجة، وكانت دار ملكه سبيطلة فلقوا المسلمين في زهاء مائة وعشرين ألفا، والمسلمون يومئذ في عشرين ألفا، فكان من هزيمة العرب لهم وفتحهم لسبيطلة وتخريبهم إياها وقتلهم جرجير ملكهم. وما نفلهم الله من أموالهم وبناتهم التي اختصت منهن ابنته بقاتله عبد الله بن الزبير لعهد المسلمين له بذلك بعد الهزيمة، وخلوصه بخبر الفتح إلى الخليفة والملأ من المسلمين بالمدينة ما هو كله مذكور مشهور. ثم أرزي الفرنجة ومن معهم من الروم بعد الهزيمة، وخلوصه بخبر الفتح إلى حصون إفريقية، وانساح المسلمون في البسائط بالغارات، ووقع بينهم وبين البربر أهل الضواحي زحوف وقتل وسبي، حتى لقد حصل في أسرهم يومئذ من ملوكهم وزمار بن صقلاب [٢] جد بني خزر، وهو يومئذ أمير مغراوة وسائر زناتة، ورفعوه إلى عثمان بن عفان فأسلم على يده، ومن عليه وأطلقه، وعقد له على قومه.

ويقال إنما وصله وافدا، وحصن المسلمين عليهم ولاذ الفرنج بالسلم وشرطوا لابن أبي سرح ثلاثمائة قنطار من الذهب على أن يرحل عنهم بالعرب، ويخرج بهم من بلادهم ففعل. ورجع المسلمون إلى المشرق وشغلوا بما كان من الفتن الإسلامية. ثم كان الاجتماع والاتفاق على معاوية بن أبي سفيان، وبعث معاوية بن خديج السكونيّ من مصر لافتتاح إفريقية سنة خمس وأربعين. وبعث ملك الروم من القسطنطينية عساكره لمدافعتهم في البحر فلم تغن شيئا وهزمهم العرب ساحل أجم.

وحاصروا جلولاء وفتحوها، وقفل معاوية بن خديج إلى مصر فولى معاوية بن أبي سفيان على إفريقية بعده عقبة بن نافع، فاختط القيروان وافترق أمر الفرنجة وصاروا


[١] لعله جرجير كما سيرد بعد قليل.
[٢] وفي النسخة الباريسية: صولات بن وزمار (كتاب قبائل المغرب/ ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>