للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الحصون وبقي البربر بضواحيهم إلى أن ولي يزيد بن معاوية وولى على إفريقية أبا المهاجر مولى [١] وكانت رياسة البربر يومئذ في أوربة لكسيلة بن لمزم، وهو رأس البرانس، ومرادفه سكرديد بن رومي بن مازرت من أوربة، وكان على دين النصرانية فأسلما الأول الفتح. ثم ارتدا عند ولاية أبي المهاجر واجتمع إليهما البرانس، وزحف إليهم أبو المهاجر حتى نزل عيون تلمسان فهزمهم وظفر بكسيلة فأسلم واستبقاه. ثم جاء عقبة بعد أبي المهاجر فنكبه غيظا على صحابته لأبي المهاجر. ثم استفتح حصون الفرنجة مثل ماغانة [٢] ولميس، ولقيه ملوك البربر بالزاب وتاهرت فغضهم جمعا بعد جمع، ودخل المغرب الأقصى، وأطاعته غمارة، وأميرهم يومئذ بليان. ثم أجاز إلى وليلى ثم إلى جبال درن، وقتل المصامدة، وكانت بينهم وبينه حروب، وحاصروه بجبال درن. ونهضت إليهم جموع زناتة وكانوا خالصة للمسلمين منذ إسلام مغراوة فأفرجت المصامدة عن عقبة، وأثخن فيهم حتى حملهم على طاعة الإسلام، ودوخ بلادهم. ثم أجاز إلى بلاد السوس لقتال من بها من صنهاجة أهل اللثام وهم يومئذ على دين المجوسية، ولم يدينوا بالنصرانية، فأثخن فيهم وانتهى إلى تارودانت وهزم جموع البربر، وقاتل مسوفة من وراء السوس، وساسهم وقفل راجعا. وكسيلة أثناء هذا كله في اعتقاله لجمعه معه في عسكره سائر غزواته.

فلما قفل من السوس سرح العساكر إلى القيروان حتى بقي في خف من الجنود. وتراسل كسيلة وقومه، فأرسلوا له شهودا وانتهزوا الفرصة فيه وقتلوه ومن معه وملك كسيلة إفريقية خمس سنين ونزل القيروان وأعطى الأمان لمن بقي بها ممن تخلف من العرب أهل الذراري والأثقال، وعظم سلطانه على البربر.

وزحف قيس بن زهير البلوي في ولاية عبد الملك للثأر بدم عقبة سنة سبع وستين، وجمع له كسيلة سائر البربر، ولقيه بجيش من نواحي القيروان فاشتد القتال بين الفريقين ثم انهزم البربر وقتل كسيلة ومن لا يحصى منهم. وأتبعهم العرب إلى محنة [٣] ثم إلى ملوية وفي هذه الواقعة ذل البربر وفنيت فرسانهم ورجالهم وخضت شوكتهم واضمحل أمر الفرنجة فلم يعد، وخاف البربر من زهير ومن العرب خوفا شديدا فلجئوا


[١] هكذا بالأصل وفي النسخة التونسية: مولى (فلان) .
[٢] وفي نسخة أخرى: باغاية.
[٣] وفي نسخة أخرى: مر محنة. وفي النسخة التونسية مر مجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>